22- والإيمان بشفاعة النبي -صلى الله عليه وسلم- وبقوم يخرجون من النار بعدما احترقوا وصاروا فحمًا، فيؤمر بهم إلى نَهَرٍ على باب الجنة -كما جاء في الأثر يشير المؤلف رحمه الله إلى حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا دخل أهلُ الجنةِ الجنةَ، وأهلُ النارِ النارَ، يقول الله: من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان فأخرجوه، فيخرجون قد امْتُحِشُوا وعادوا حممًا، فيلقون في نهر الحياة، فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل، أو قال: حميَّة السيل. وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ألم تروا أنها تنبت صفراء ملتوية؟". أخرجه البخاري برقم (6560)، ومسلم برقم (184). - كيف شاء الله وكما شاء. إنما هو الإيمان به والتصديق به. هذا أيضًا من الإيمان باليوم الآخر، ومن فضائل وميزة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم، ما ورد عنه أنه هو الشفيع المشفَّع في المحشر. وقد وردت أدلة كثيرة على أنه يشفع لأمته، ويشفع للخلق كلهم أحاديث الشفاعة متواترة وهي كثيرة منها ما ذُكر أعلاه، ومنها حديث الشفاعة الطويل الذي أشار إليه الشيخ ابن جبرين في الشرح. وقد أخرجه البخاري برقم (7510)، ومسلم برقم (193) عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-. وأخرجه البخاري برقم (4712)، ومسلم برقم (194)، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. وأخرجه مسلم برقم (195)، عن أبي هريرة وحذيفة -رضي الله عنهم-. وأخرجه الترمذي برقم (3147)، عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- وقال: هذا حديث حسن. وأخرجه أحمد في المسند (1/281، 282، 295، 296)، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال أحمد شاكر (2546) و (2692): إسناده صحيح. وهو حديث طويل متواتر فيه: أن الأنبياء يعتذرون عن الشفاعة، ثم يشفع نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- ويقول: "أنا لها، أنا لها". وفيه أيضًا: أنه يأتي باب الجنة فيقرع بابها فيفتح له... إلى آخر الحديث. قال الشيخ ابن جبرين: وعند أهل السُّنّة أن الله يأذن لنبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- في الشفاعة ليظهر فضله وينال المقام المحمود. وفد أُحصيت شفاعاته -صلى الله عليه وسلم- من الأحاديث المتواترة فبلغت ست شفاعات. منها خمس شفاعات خاصة بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، وهي: 1- الشفاعة العظمى لفصل القضاء والإراحة من الموقف يطلبها الناس من أولي العزم حتى تنتهي إليه. 2- شفاعته في فتح أبواب الجنة لدخول أهلها. 3- شفاعته لبعض أهل الجنة في رفع درجاتهم. 4- شفاعته في أناس استحقوا النار أن لا يدخلوها. 5- شفاعته في تخفيف العذاب عن عمه أبي طالب. أما الشفاعة السادسة فهي عامة، وهي: شفاعته وشفاعة الأنبياء والصالحين والملائكة في أناس دخلوا النار من الموحّدين أن يخرجوا منها، فيخرجون بعد احتراقهم وصيرورتهم فحمًا وحِممًا، أي سودًا، فيلقون في نهر الحياة فينبتون نبات الحبة في حميل السيل. ولا تكون الشفاعة للمشركين كما قال -تعالى-: { فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ } [ المدثر:48 ]. وقد أنكرت المعتزلة والخوارج إخراج أهل الكبائر من النار وردوا أحاديث الشفاعة بناءً على مذهبهم في تغليب جانب الوعيد. اهـ من كتاب التعليقات على متن لمعة الاعتقاد، صفحة 154، 155. فيشفع الشفاعة الأولى لمجيء الله -تعالى- لفصل القضاء، حتى يفصل بين عباده عندما يطول الموقف، وبعدما يطلبون الشفاعة من أولي العزم من آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى وكل منهم يعتذر، فيقول -صلى الله عليه وسلم- { أنا لها } . وكذلك أيضًا يشفع لهم أن يدخلوا الجنة، ويكون هو أول من يستفتح باب الجنة. كذلك يشفع لقومٍ أن تُرفع درجاتهم ومنازلهم من أهل الجنة. وأما الشفاعة التي يشاركه فيها غيره من الأنبياء والملائكة فهي شفاعته لأهل الكبائر من أهل التوحيد، أن يخرجوا من النار، بعدما صاروا فحمًا واحترقوا، يخرجون من النار بعد مدة طويلة، قد تكون ألوف السنين أو نحو ذلك، ثم يلقون في نهر في الجنة، ويقال له: نهر الحياة، فينبتون فيه كما تنبت الحبة في حميل السيل، ثم بعد ذلك يتنعمون بما يتنعم به أهل الجنة؛ وذلك لأنهم من أهل التوحيد ومن أهل العقيدة. |