26- ومن ترك الصلاة فقد كفر الأحاديث في إطلاق الكفر على تارك الصلاة كثيرة ومتواردة وصحيحة، فمن ذلك: عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة". أخرجه مسلم برقم (82). وعن بريدة بن الحصيب -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر". أخرجه الترمذي برقم (2621)، والنسائي برقم (462)، (1/232)، وابن ماجه برقم (1079)، وأحمد في مسنده (5/ 346). . وليس من الأعمال شيء تَرْكُه كفر إلا الصلاة قال عبد الله بن شقيق: "كان أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- لا يرون شيئًا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة". أخرجه الترمذي برقم (2624). ووصله الحاكم (1/ 7)، عن عبد الله بن شقيق عن أبي هريرة، وقال: صحيح على شرطهما. وقال الذهبي: إسناده صالح. قال الأرناؤوط في تحقيق شرح السنة (1/ 180): وسنده صحيح. من تركها فهو كافر، وقد أحل الله قتله. ومن الأعمال التي هي من جملة الإيمان الصلاة، فإنها من الإيمان، قال الله -تعالى- { وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ } يعني: صلاتهم إلى بيت المقدس قبل أن تحول القبلة، ما كان الله ليضيع ذلك، فسمّاه إيمانًا؛ لأنه من ثمرة الإيمان. وهذه الصلاة لا شك في أهميتها وعِظَم شأنها، ولأجل ذلك أكَّد الله ذِكْرها في القرآن، وأكثر من ذِكرها، وورد أيضًا في السنة الاهتمام بها. وقد سمعنا بعض الأحاديث في أن تركها كفر، يعني: الإصرار على تركها يعتبر كفرًا، وأنه يستحق أن يستتاب، فإن تاب وإلا قُتل، وإذا أصر على تركها حتى يُقتل قُتل مرتدًّا يُعامل معاملة المرتد قال البغوي في شرح السُّنّة (1/ 179): "اختلف أهل العلم في تكفير تارك الصلاة المفروضة عمدًا، فذهب إبراهيم النخعي، وابن المبارك، وأحمد وإسحاق إلى تكفيره، قال عمر: لا حظّ في الإسلام لمن ترك الصلاة. قال ابن مسعود: "تركُها كُفْر". قال عبد الله بن شقيق: "كان أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- لا يرون شيئًا من الأعمال تركه كُفر غير الصلاة". أخرجه الترمذي برقم (2624). ووصله الحاكم (1/ 7)، عن عبد الله بن شقيق عن أبي هريرة، وقال: صحيح على شرطهما. وقال الذهبي: إسناده صالح. وذهب الآخرون إلى أنه لا يكفر وحملوا الحديث على ترك الجحود، وعلى الزجر والوعيد. وقال حماد بن زيد ومكحول ومالك والشافعي: تارك الصلاة يُقتل كالمرتد ولا يخرج به عن الدين. وقال الزهري، وبه قال أصحاب الرأي: لا يقتل، بل يحبس ويضرب حتى يصلي، كما لا يقتل تارك الصوم والزكاة والحج . وقد سئل فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين السؤال التالي: من حجّ ولم يصل، هل يحسب له حج أم لا؟ فأجاب:إذا كان قصد السائل أن يحج وهو تارك لصلاة الفريضة التي فرضها الله في اليوم والليلة خمس صلوات، وهذا يقع كثيرًا من بعض المنتمين إلى الإسلام في البلاد الإسلامية، وكثير من الناس يتسمون بأنهم مسلمون، ولكن ما معهم إلا مجرد التسمي، فتجد أحدهم لا يصلي طوال عمره مثلا؛ وبعضهم يصلي فقط الجمع والأعياد، وأما بقية أوقاتهم فلا يعرفون الصلوات، لا فروضها ولا نوافلها، وهؤلاء بلا شك متهاونون بهذا الركن العظيم، الذي هو عمود الدين، وهو أهم أركان الإسلام بعد الشهادتين. وقد ورد في الأحاديث إطلاق الكفر على تارك الصلاة، وقال العلماء: إن المراد الكفر العملي لا الاعتقادي، وعلى كل حال فإن الذي يحج وهو مُصِرٌّ على ترك الصلاة قبل حجه أو بعده يعتبر قد أتى بعمل، ولكن أخل بعمل آخر عظيم. وقد اختلف العلماء في تكفير تارك الصلاة وفصَّلوا ذلك: فإن من تركها جاحدًا لوجوبها فهو كافر، ولا ينفعه حجه، ولا يصح، ولا يسقط فرضه، وكذلك لا تصح بقية أعماله. وأما من تركها متكاسلا ومتثاقلًا عنها، فإنه باق على دين الإسلام وينسب إلى المسلمين، ولكنه على خطر كبير حيث أنه أخَلَّ بهذا الركن العظيم، ويعتبر قد أذنب ذنبًا كبيرًا، ولكن حجه صحيح ويسقط عنه حجة الإسلام. وذهب كثير من العلماء والمحققين إلى القول بكفره، وبطلان حجه وسائر أعماله لإطلاق الأحاديث في كفر تارك الصلاة (نقلًا من كتاب السراج الوهاج للمعتمر والحاج للشيخ ابن جبرين صفحة 124، 125). وذلك لأنها أعظم شعائر الدين، ولا شك أن ما كان بهذه العظمة لا يجوز التهاون به. |