الحكمة في تسمية قيام رمضان بالتراويح

س 2: ما الحكمة في تسمية قيام رمضان بالتراويح ؟ وهل ترون أن من الأفضل استغلال وقت التوقف في صلاة التراويح بإلقاء كلمة، أو موعظة ؟ ج 2: ذُكر في المناهل الحسان للشيخ الفقيه عبد العزيز بن محمد السلمان -حفظه الله- صاحب المؤلفات العديدة، كموارد الظمآن وغيره. (عن الأعرج )، قال: ما أدركنا الناس إلا وهم يلعنون الكفرة في رمضان، قال: وكان القارئ يقرأ سورة البقرة في ثمان ركعات، وإذا قام بها في اثنتي عشرة ركعة رأى الناس أنه قد خفف أخرجه الإمام مالك، في كتاب الصلاة باب ما جاء في رمضان، 85 عن داود بن الحصين أنه سمع الأعرج، يقول إلخ. وعبد الرزاق في مصنفه، في كتاب الصيام، باب قيام رمضان 4/ 262 من طريق مالك. والبيهقي في الشعب في باب الصلاة، فضل قيام شهر رمضان 3/177، وفي كتاب فضائل الأوقات 279. من طريق عثمان بن سعيد عن ابن بكير عن مالك وإسناده صحيح، ولله الحمد. (وعن عبد الله بن بكر ) قال: سمعت أبي يقول: { كنا ننصرف في رمضان من القيام فنستعجل الخدم بالطعام، مخافة فوت السحور } أخرجه مالك، في كتاب الصلاة، باب ما جاء في قيام رمضان 86، عن عبد الله بن أبي بكر، قال سمعت أبي يقول: وصاحب المناهل أثبت اسم عبد الله بن بكر، بدلا من ابن أبي بكر، وهو خطأ. وأخرجه البيهقي في الشعب، في باب الصلاة، فضل قيام شهر رمضان 4/177. وفي السنن الكبرى، في كتاب الصلاة، باب قدر قراءتهم في قيام شهر رمضان 2/497، وفي فضائل الأوقات 279، 280 عن مالك. والإسناد صحيح. . (وعن السائب بن يزيد ) قال: أمر عمر بن الخطاب أُبي بن كعب وتميمًا الداري -رضي الله عنهم- أن يقوما للناس في رمضان بإحدى عشرة ركعة، فكان القارئ يقرأ بالمئين، حتى كنا نعتد على العصي من طول القيام، فما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر أخرجه مالك في كتاب الصلاة، باب ما جاء في قيام رمضان 85 عن السائب بن يزيد، به وفيه: "وما كنا ننصرف إلا في بزوغ الفجر". أقول ولعل لفظة "بزوغ الفجر" في رواية مالك تصحفت من أحد النُّساخ إذ إن اللفظة المشهورة فروع الفجر، وفروع الفجر: جمع فرع، وفرع الشيء أعلاه. قال ابن الأثير في النهاية: ومنه حديث قيام رمضان: ما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر. اهـ. والمراد بفروع الفجر، بزوغه. وابن أبي شيبة في مصنفه، في صلاة رمضان 2/162، من طريق يحيى بن سعيد القطان عن محمد بن يوسف، أن السائب أخبره أن عمر جمع الناس على أبي وتميم فكانا يصليان إحدى عشرة ركعة، يقرأان بالمئين يعني في رمضان". والبيهقي في الكبرى، في كتاب الصلاة، باب ما روي في عدد ركعات القيام في شهر رمضان 2/ 496، وفي فضائل الأوقات 274، 275. من طريق مالك عن محمد بن يوسف بن أخت السائب، عن السائب بن يزيد أنه قال: أمر عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أبي بن كعب وتميما الداري، أن يقوما للناس بإحدى عشرة ركعة، وكان القارئ يقرأ بالمئين، حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام، وما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر". والأثر صحيح. وهذه الروايات جاءت بلفظ: إحدى عشرة ركعة. * ولكن الحافظ عبد الرزاق أخرج في مصنفه، في كتاب الصيام، باب قيام رمضان 4/260، عن داود بن قيس وغيره، عن محمد بن يوسف، عن السائب بن يزيد أن عمر جمع الناس في رمضان على أبي بن كعب، وعلى تميم الداري، على إحدى وعشرين ركعة، يقرءون بالمئين، وينصرفون عند فروع الفجر". وفي قيام الليل لابن نصر المروزي 220 عن السائب: أنهم كانوا يقومون في رمضان بعشرين ركعة.. إلخ. * والأثر جاء من طريق آخر صحيح. فقد أخرج ابن الجعد في مسنده 2/1009 عن ابن أبي ذئب عن يزيد بن خصيفة عن السائب بن يزيد، قال: كانوا يقومون على عهد عمر في شهر رمضان بعشرين ركعة، وإن كانوا ليقرءون بالمئين من القرآن ". ثم ساق بالسند نفسه "كانوا يتوكئون.. إلخ ". وأخرجه البيهقي في الكبرى 2/ 496، وفي فضائل الأوقات 276 من طريق ابن الجعد، والأثر صححه النووي، وأقره الزيلعي، وصححه العيني، وابن العراقي، والسيوطي وغيرهم. * وعن يزيد بن رومان قال: "كان الناس يقومون في زمن عمر في رمضان بثلاث وعشرين ركعة". أخرج ذلك مالك 85، وابن نصر في قيام الليل 220، والبيهقي في الكبرى 496، وفي الشعب 3/177. والإسناد منقطع، فيزيد بن رومان لم يدرك عمر، قال البيهقي في فضائل الأوقات 277، رواه يزيد بن رومان عن عمر بن الخطاب مرسلا. اهـ. وقال في السنن الكبرى 496: ويمكن الجمع بين الروايتين فإنهم كانوا يقومون بإحدى عشرة، ثم كانوا يقومون بعشرين، ويوترون بثلاث. والله أعلم. اهـ. وقال الحافظ ابن حجر في الفتح 4/298: وقد اختُلف في ذلك، ففي الموطأ عن محمد بن يوسف عن السائب بن يزيد أنها إحدى عشرة ورواه سعيد بن منصور من وجه آخر، ورواه محمد بن نصر المروزي من طريق محمد بن إسحاق عن محمد بن يوسف، فقال: ثلاث عشرة، ورواه عبد الرزاق من وجه آخر عن محمد بن يوسف، فقال: إحدى وعشرين، وروى مالك من طريق يزيد بن خصيفة عن السائب بن يزيد عشرين ركعة، وهذا محمول على غير الوتر، وعن يزيد بن رومان، قال: "كان الناس يقومون في زمان عمر بثلاث وعشرين". وروى محمد بن نصر من طريق عطاء قال: "أدركتهم في رمضان يصلون عشرين ركعة وثلاث ركعات الوتر". والجمع بين هذه الروايات ممكن باختلاف الأحوال، ويحتمل أن ذلك الاختلاف بحسب تطويل القراءة وتخفيفها، فحيث يطيل القراءة تقل الركعات، وبالعكس. وبذلك جزم الداودي وغيره...". اهـ. بتصرف يسير. قال بقية السلف سماحة الإمام عبد العزيز بن باز في كلام نفيس: ومن الأمور التي قد يخفى حكمها على بعض الناس، ظن بعضهم أن التراويح لا يجوز نقصها عن عشرين ركعة، وظن بعضهم أنه لا يجوز أن يزاد فيها على إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ركعة، وهذا كله ظن في غير محله، بل هو خطأ مخالف للأدلة، وقد دلت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على أن صلاة الليل موسع فيها، فليس فيها حد محدود، لا يجوز مخالفته، بل ثبت عنه ، صلى الله عليه وسلم، أنه كان يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة، وربما صلى ثلاث عشرة ركعة، وربما صلى أقل من ذلك في رمضان وفي غيره، ولما سئل، صلى الله عليه وسلم، عن صلاة الليل قال: " مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى" متفق على صحته. ولم يحدد ركعات معينة لا في رمضان ولا في غيره، ولذا صلى الصحابة -رضي الله عنهم- في عهد عمر -رضي الله عنه- في بعض الأحيان ثلاثا وعشرين ركعة، وفي بعضها إحدى عشرة ركعة، كل ذلك ثبت عن عمر -رضي الله عنه-، وعن الصحابة في عهده. وكان بعض السلف يصلي في رمضان ستا وثلاثين ركعة، ويوتر بثلاث وبعضهم يصلي إحدى وأربعين، ذكر ذلك عنهم شيخ الإسلام ابن تيمية -يرحمه الله- وغيره من أهل العلم كما ذكر -يرحمه الله- أن الأمر في ذلك واسع، وذكر -أيضا- أن الأفضل لمن أطال القراءة والركوع والسجود أن يقلل العدد، ومن خفف القراءة والركوع والسجود زاد في العدد، هذا معنى كلامه -يرحمه الله-. ومن تأمل سنته، صلى الله عليه وسلم، علم أن الأفضل في هذا كله هو صلاة إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة ركعة في رمضان وغيره، لكون ذلك هو الموافق لفعل النبي ، صلى الله عليه وسلم، في غالب أحواله، ولأنه أرفق بالمصلين، وأقرب إلى الخشوع، والطمأنينة، ومن زاد فلا حرج، ولا كراهية، كما سبق. اهـ. انظر: رسالتان موجزتان في الزكاة والصيام (30) فما بعد. وقال ابن محمود فضيلة الشيخ عبد الله بن زيد بن محمود رئيس المحاكم الشرعية بدولة قطر. في كتاب الصيام: "وسميت تراويح من أجل أنهم يستريحون بعد كل أربع ركعات لكونهم يعتمدون على العصي من طول القيام، ولا ينصرفون إلا في فروع الفجر". وحيث أن الناس في هذه الأزمنة يخففون الصلاة، فيفعلونها في ساعة أو أقل، فإنه لا حاجة بهم إلى هذه الاستراحة، حيث لا يجدون تعبا ولا مشقة، لكن إن فصل بعض الأئمة بين ركعات التراويح بجلوس، أو وقفة يسيرة للاستجمام، أو الارتياح، فالأولى قطع هذا الجلوس بنصيحة أو تذكير، أو قراءة كتاب مفيد، أو تفسير آية يمر بها القارئ، أو موعظة، أو ذكر حكم من الأحكام، حتى لا يخرجوا أو لا يملّوا، والله أعلم.