والرواتب المؤكدة التابعة للمكتوبات عشر: وهي المذكورة في حديث ابن عمر رضي الله عنهما، قال: { حفظت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عشر ركعات: ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته، وركعتين بعد العشاء في بيته، وركعتين قبل الفجر } متفق عليه رواه البخاري رقم (1172) في التهجد، ومسلم رقم (729) في صلاة المسافرين. . الرواتب قبل الفريضة وبعدها: قوله: (والرواتب المؤكدة التابعة للمكتوبات عشر:... إلخ): والرواتب المؤكدة التابعة للمكتوبات عشر، وهي كما في حديث ابن عمر { ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته، وركعتين بعد العشاء في بيته، وركعتين قبل صلاة الصبح في بيته } وهكذا اقتصر على هذه العشر. وقوله: "في بيته"، يعني: يصليها في بيته، ولعل ذلك لأنه كان يصليها منفردا، أو كان ينقطع عن الناس، أو أن ذلك أقرب إلى الإخلاص، فإن تيسر أن يصليها في بيته، فهو أفضل، وإن شق عليه أو خاف أن يغفل عنها إذا دخل بيته، وغالبا يغفل فيجوز أن يصليها في المسجد. وقد ورد الترغيب في الزيادة على العشر، فثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- أحيانا يصلي أربعا قبل الظهر، كما في حديث عائشة قالت: { كان النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يدع أربعا قبل الظهر } أخرجه البخاري برقم (1182). . وندب أيضا إلى أربع بعدها، كما في حديث أم حبيبة: { من صلى قبل الظهر أربعا، وبعدها أربعا، حرمه الله على النار } أخرجه الترمذي رقم (427) في الصلاة. وابن ماجه رقم (1160). عن أم حبيبة رضي الله عنها. قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، وقال المحقق أحمد شاكر: بل هو حديث صحيح، لصحة إسناده. وأخرجه الترمذي برقم (428)، وأبو داود رقم (1269)، والنسائي رقم (1813) وما بعده. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه. وقال المحقق أحمد شاكر بعد ذكر أسانيده: فهذه أسانيد ثلاث للحديث صحاح. وصححه الألباني في الترغيب والترهيب رقم (583). وذلك لأن الوقت كأنه وقت استراحة، ولأنه بعيد العهد بالصلاة أي من الصبح إلى الظهر لم يؤد فيه صلاة غالبا، فاستحب أن يؤدي قبلها أربعا بسلامين، ثم يصلي بعدها أربعا بسلامين، وأجاز بعضهم أن يصليهم بسلام واحد، ولكن الأولى أن يكون بسلامين، فقد ذكرت عائشة أنه -صلى الله عليه وسلم- "كان يقول في كل ركعتين التحية" جزء من حديث في صفة صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- رواه مسلم رقم (498) في الصلاة. أي: من تطوعه. وقد ورد في الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: { من صلى اثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة بني له بهن بيت في الجنة } أخرجه مسلم رقم (728) في صلاة المسافرين. عن أم حبيبة رضي الله عنها. قالت أم حبيبة: فما تركتهن منذ سمعتهن من رسول صلى الله عليه وسلم. وقال عنبسة (الراوي عن أم حبيبة): فما تركتهن منذ سمعتهن من أم حبيبة. وقال عمرو بن أوس (الراوي عن عنبسة): فما تركتهن منذ سمعتهن من عنبسة. وقال النعمان بن سالم (الراوي عن عمرو): فما تركتهن منذ سمعتهن عن عمرو بن أوس. وهذا يدل على اهتمامهم بتطبيق السنة، فمجرد أنهم سمعوا حديثا وثبت عندهم سارعوا إلى فعله وتطبيقه رضي الله عنهم. . وقد زاد الترمذي في روايته فقال: { أربعا قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل صلاة الفجر } أخرجه الترمذي رقم (415). وقال: حسن صحيح. وله شاهد من حديث عائشة أخرجه الترمذي (414)، والنسائي (3 / 260، 261)، وابن ماجه (1140) . وهذا دليل على أن الرواتب اثنتا عشرة ركعة في اليوم والليلة. ولم يذكر المؤلف رحمه الله بقية النوافل، وهو محل تنفل، فقد قال -صلى الله عليه وسلم- { رحم الله امرأ صلى أربعا قبل العصر } رواه أبو داود رقم (1271) في الصلاة، والترمذي رقم (430) في الصلاة، وحسنه الألباني في صحيح الجامع رقم (3493). وفي الترغيب والترهيب رقم (586). أي: بسلامين، دعاء له بالرحمة، ولم يثبت فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- لها، لكنه رغب بها في هذا الحديث، كذلك -أيضا- ورد أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: { صلوا قبل المغرب ركعتين، صلوا قبل المغرب ركعتين، صلوا قبل المغرب ركعتين، لمن شاء } رواه البخاري رقم (1183) في التهجد. حتى لا يقال: إنها فريضة، أو إنها لازمة، هكذا علل بعض العلماء. وسمعت بعض مشايخنا يقول: إن بعض السلف كانوا يزيدون على الرواتب عشرين ركعة، ورأيت ذلك في بعض كتب الشافعية، قالوا: يصلي قبل الظهر ستا، وبعدها ستا، وقبل العصر أربعا، وبعد المغرب ستا، وبعد العشاء ستا، فيكون قد زاد على العشر عشرين ركعة، لأنه ست وست وست وست أي أربع وعشرون وأربع؛ فيكون المجموع ثماني وعشرين، وركعتا الفجر، فهذه ثلاثون. وبالجملة فالصلاة مرغب في التطوع فيها، والإنسان يحرص على أن يتقرب منها بما يحب، فقد ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لربيعة: { أعني على نفسك بكثرة السجود } جزء من حديث رواه مسلم رقم (488) في الصلاة. . وبذلك نكون قد انتهينا من صفة الصلاة التي ذكر المؤلف فيها الأدلة، ولم يتوسع في الخلافات، ومن أراد الاطلاع على ما هو أوسع؛ فإن العلماء -رحمهم الله- وصفوا صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- وذكروا ما بلغهم فيها، فلابن القيم في آخر كتابه (الصلاة) ذكر صفة صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- وذكر أنه بيان مختصر مع كونه يذكر ما فيه خلاف، وله في (زاد المعاد) وصف لصلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو أيضا يشير إلى المسائل الخلافية، ويذكر وجه الخلاف، وما يترجح عنده، فمن أراد التوسع فليرجع إلى الكتب التي يتوسع فيها. |