ويسن سجود التلاوة للقارئ والمستمع في الصلاة، وخارجها. ثانيا: سجود التلاوة: قوله: (ويسن سجود التلاوة للقارئ والمستمع في الصلاة، وخارجها ): سجود التلاوة هو : السجود عند قراءة أو استماع الآيات التي فيها سجدة، وأكثر ما روي خمس عشرة سجدة: في الأعراف والرعد والنحل والإسراء ومريم وأول الحج وآخر الحج والفرقان والنمل والسجدة و ص وفصلت والنجم والانشقاق والعلق، ففي هذه السور وردت السجدات. وفي بعض هده السجدات خلاف، ففي سجدتي الحج خلاف، حيث إن بعض العلماء قال: إن السجدة الأخيرة مقرون فيها السجود بالركوع: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا } [الحج: 77] كمثل قوله: { يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ } [آل عمران: 43] والأمر هنا بالصلاة، ومثله قوله: { وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ } [البقرة: 125] يعني المصلين، لكن استند من أثبتهما إلى حديث مأثور: { قيل: يا رسول الله، فضلت الحج بسجدتين؟ قال: نعم، من لم يسجدهما فلا يقرأهما } رواه الترمذي رقم (578) في أبواب الصلاة، ورواه أبو داود رقم (1402) في الصلاة، وضعفه الألباني في ضعيف الترمذي رقم (89). وهو للزركشي برقم (593) مع الكلام عليه. وهذا تأكيد، وإن كان الحديث فيه مقال، لكنه ضعف ينجبر. وكذلك سجدة ص، فقد ذهب الإمام أحمد إلى أنها ليست من العزائم، كما دل حديث ابن عباس { ص ليست من عزائم السجود، وقد رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسجد فيها } رواه البخاري رقم (1069) في سجود القرآن. وإذا كانت كذلك فقد ورد في حديث: { سجدها داود توبة، ونحن نسجدها شكرا } رواه النسائي (2 / 159) في الافتتاح وصححه الألباني في صحيح النسائي رقم (917) وانظره في شرح الزركشي رقم (598). فقالوا: إذا كانت سجدة شكر فلا تسجد في الصلاة، إنما تسجد خارج الصلاة، ولكن حيث أن هناك قولا بأنها من السجدات، فإنها تسجد، وقد وردت أحاديث فيها ذكرها ابن كثير في التفسير وغيره. أما السجدات الأخيرة: (النجم والانشقاق والعلق)، فخالف فيها بعض العلماء كالمالكية، ورووا حديثا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- { أنه لم يسجد بعد الهجرة في المفصل } رواه أبو داود رقم (1403) في الصلاة، وضعفه الألباني في ضعيف أبي داود رقم (304). ولكن هذا الحديث ليس متيقنا، فالذي قاله ربما بنى على ظنه، وقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام { أنه صلى صلاة العشاء بسورة الانشقاق وسجد فيها } رواه البخاري رقم (1078) في سجود القرآن ولفظه عن أبي رافع قال " صليت مع أبي هريرة العتمة فقرأ { إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ } فسجد، فقلت: ما هذه؟ قال: سجدت بها خلف أبي القاسم صلى الله عليه وسلم فلا أزال أسجد فيها حتى ألقاه " ورواه مسلم رقم (578). نقل ذلك أبو هريرة وكذلك غيره، والصحيح أن في المفصل سجدات. وسجود التلاوة يكون في الصلاة وفي خارج الصلاة، والدعاء فيه أن يقول -كما أثر- { اللهم إني لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، وعليك توكلت } أخذا من حديث رواه أبو داود عن علي رواه النسائي (2 / 221، 222) في التطبيق وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي رقم (1078). وسبق ذكره ص (133). وكذلك حديث آخر: { سجد وجهي للذى خلقه وصوره، وشق سمعه وبصره، بحوله وقوته، تبارك الله أحسن الخالقين } رواه أبو داود رقم (1414) في الصلاة، والنسائي (2 / 221، 222) والترمذي رقم (585) في أبواب الصلاة، وصححه الألباني في صحيح الترمذي رقم (474). كذلك قصة الذي رأى في المنام أن الشجرة سجدت فسمعها تقول: { اللهم اكتب لي بها أجرا، وضع عني بها وزرا، واجعلها لي عندك ذخرا } رواه الترمذي رقم (584) في أبواب الصلاة، وابن ماجه رقم (1053) في الصلاة وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه رقم (865). قال الراوي: رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- سجد وأتى بذلك الدعاء الذي نقله ذلك الراوي. والحاصل أنه يقول فيه ما تيسر. وقوله: (ويسن سجود التلاوة)، يؤخذ منه أن سجود التلاوة سنة وليس بواجب، وفي أثر عمر: "إن الله لم يكتب علينا السجود" رواه البخاري رقم (1077) في سجود القرآن. أي: لم يفرضه، من أحب أن يسجد ومن لا فلا حرج. وقوله: (للقارئ والمستمع): أي: المنصت المتابع للقارئ، فإذا كان القارئ يقرأ وعنده مجموعة يستمعون له، فإذا سجد يسجدون، وإن لم يسجد فلا يسجدون؛ لأنه كإمامهم، أما لو أن إنسانا يسمع من بعيد، ولم يكن ينصت فلا يشرع له السجود، فالسجود مسنون في المستمعين الذين ينصتون. |