ثم تقام الصلاة، فيصلي بهم ركعتين، يجهر فيهما بالقراءة، يقرأ في الأولى بـ: "سبح" وفي الثانية بـ: "الغاشية"، أو بـ: "الجمعة والمنافقون". قوله: ( ثم تقام الصلاة فيصلي بهم ركعتين يجهر فيهما بالقراءة ... إلخ): بعد ذلك تقام الصلاة، فيصلي بهم ركعتين يجهر فيهما بالقراءة، والحكمة من ذلك أنه يحضر الجمعة خلق كثير، وقد يكون كثير منهم جهلة، فيجهر فيها بالقراءة -ولو كانت نهارية- حتى يسمعهم ما قد يخفي عليهم، أو قد لا يسمعونه إلا في يوم الجمعة. وكان صلى الله عليه وسلميه يقرأ فيهما بسورتي الأعلى والغاشية لحديث النعمان بن بشير قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقرأ في العيدين وفي الجمعة بسبح اسم ربك الأعلى، وهل أتاك حديث الغاشية، قال: واذا اجتمع العيد والجمعة في يوم واحد يقرأ بهما أيضا في الصلاتين. أخرجه مسلم برقم (878). ؛ لأن فيهما التذكير، ففي سورة الأعلى: { فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى } [الأعلى: 9- 11] فيذكرهم بأن الذي يتذكر هو الذي يخشى ربه، وفي سورة الغاشية: { فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ } [الغاشية: 21] فدل على أن الحكمة من هاتين السورتين ما فيهما من الأمر بالتذكير، وأن خطبة الجمعة فيها تذكير. وأما الجمعة والمنافقين ثبتت قراءة الجمعة والمنافقون في حديث أبي هريرة قال: "... فقرأ بسورة الجمعة في السجدة الأولى، وفي آخره "إذا جاءك المنافقون"، هكذا صلى بهم أبو هريرة، ثم قال: إني سمعت رسول الله يقرأ بهما يوم الجمعة. أخرجه مسلم برقم (877). وقد ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قرأ يوم الجمعة سورة الجمعة وهل أتاك. أخرجه مسلم رقم (878)- 63. عن النعمان بن بشير رضي الله عنه. وانظر زاد المعاد لابن القيم (1 / 380). فمروية عن الإمام أحمد، ويقولون: إنه من مفردات المذهب، لذا يقول ناظم المفردات: ثم صلاة الجمعة اقرأ فيها سورتها وسورة تليها وسورتها يعني: سورة الجمعة، والتي تليها المنافقون. والحكمة من قراءة سورة الجمعة الأمر بالسعي اليها، يقول تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ } [الجمعة: 9- 11] إلى آخر السورة، والحكمة في سورة المنافقين إلا مر بالذكر، يقول تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ } [المنافقون: 9] . |