ويستحب لمن أتى الجمعة أن: يغتسل، ويتطيب، ويلبس أحسن ثيابه، ويبكر إليها. قوله: ( ويستحب لمن أتى الجمعة أن يغتسل... إلخ): قد ذهب بعض أهل الظاهر إلى أنه واجب؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- { غسل الجمعة واجب على كل محتلم } رواه البخاري رقم (879) في الجمعة، ومسلم رقم (846) في الجمعة. ولقوله: { من أتى الجمعة فليغتسل } وراه البخاري بلفظ: "إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل" رقم (877) في الجمعة، ومسلم رقم (844، 845) في الجمعة. . وفي الغسل ثلاثة أقوال: قول متشدد، وقول متساهل، وقول متوسط. فالقول المتشدد: للذين أوجبوه واستدلوا بهذه الأحاديث. والقول المتساهل: للذين قالوا: كله سواء؛ الغسل وتركه، وقد يستدلون بحديث سمرة ولفظه: { من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل } رواه أبو داود رقم (354) في الطهارة، والترمذي رقم (497) في الصلاة، والنسائي رقم (3 / 94) في الجمعة، وحسنه الألباني في صحيح الجامع رقم (6180)، وصحيح أبي داود رقم (380). وانظر بقية من رواه في حاشية الزركشي برقم (883). . والذين توسطوا قالوا: يجب في حال دون حال، ونظروا إلى الحكمة، وهي ما في حديث عائشة أخرجه البخاري رقم (903) في الجمعة، ومسلم رقم (847) في الجمعة. ؛ حيث ذكرت أن الكثير من المصلين كانوا يأتون إلى صلاة الجمعة بثياب دنسة وهم أهل عمل وأبدانهم متسخة وثيابهم متسخة، فإذا صفوا في جانب بعضهم تأذى البعض من الرائحة والوسخ. وكان المسجد أيضا مظلما وليس فيه نوافذ، وليس فيه مكيفات، وليس فيه هواء، فيشتد الحر وينزل العرق فتتسخ الأبدان وتتسخ الثياب، ويؤذون من إلى جانبهم، فلما اشتكى كثير منهم، وقالوا: نتأذى من هؤلاء العمال؛ لأن أكثر أهل المدينة أهل عمل، إما عمل في حرفهم، وإما عمل في تجاراتهم، وأكثرهم فقراء ليس عنده إلا الثوب الذي على جسده، وقد يبقى الثوب عليه نصف سنة، وقد لا يغسله إلا في الشهر مرة أو في الشهرين، فيتسخ. فلأجل ذلك أمروا بأن يغتسلوا في يوم الجمعة حتى يذهب شيء من الوسخ الذي على الأبدان، وأمروا بأن يتطيبوا حتى يكون ذلك الطيب مخففا للروائح، وأمروا بأن يلبسوا أحسن الثياب حتى يكون ذلك مخففا لزوال الأوساخ التي تكون عليها، وأمروا بالتبكير، أي: يذهبوا مبكرين. |