س 8: بعض الناس ممن يحب الخير والتقرب إلى الله يذهب بعيدًا أو قريبًا للصلاة في ليالي شهر رمضان المبارك خلف إمام معين بحجة خشوع هذا الإمام وقراءته الجيدة، فهل هذا الفعل مشروع؟ ج 8: من المشاهد أن القلب يخشع ويخضع عند سماع القرآن من القارئ الذي يتقن القراءة، ويتغنى بالقرآن، ويجيد التلاوة، ويكون حسن الصوت، يظهر من قراءته أنه يخاف الله -تعالى- فإذا وجد الإنسان الخشوع، وحضور القلب خلف الإمام الذي يكون كذلك، فله أن يصلي خلفه، وله أن يأتي إليه من مكان بعيد أو قريب، ليحصل له الاستفادة والإخبات في صلاته، وليتأثر بهذه القراءة التي رغب سماعها، وأحضرها لبه، وخشع لها، فينصرف وقد ازداد إيمانا، واطمأن إلى كلام الله -تعالى- وأحبه، فيحمله ذلك على أن يألف القراءة ويكثر منها، ويتدبر كتاب الله، ويقرأه للاستفادة، ويحرص على تطبيقه والعمل به، ويتلوه حق تلاوته، ويحاول تحسين صوته بالقرآن. وقد روى البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- { ليس منا من لم يتغنَّ بالقرآن } صحيح البخاري، في كتاب التوحيد، باب قوله -تعالى-: { وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ } !. رقم 7089. قال البيهقي في الشعب 2/387: وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: " يتغنى " يريد به تحسين القارئ صوته به، غير أنه يميل به نحو التحزين دون التطريب. اهـ. وقال المناوي في الفيض 2/62: ليس المراد بقراءته بالحزن ما اصطلح الناس عليه في هذه الأزمان من قراءته بالأنغام، فإنه مذموم.. إلخ. اهـ. وفي الصحيحين عنه، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "ما أذن الله لشيء كما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به" صحيح البخاري، في كتاب التوحيد، باب قوله -تعالى-: { وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ } رقم 7044. وصحيح مسلم، في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن. رقم 792. . وعن البراء -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: { حسنوا القرآن بأصواتكم، فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسنا } أخرجه الدارمي في سننه، باب التغني بالقرآن، من طريق صدقة بن أبي عمران، عن علقمة بن مرثد، عن زاذان أبي عمر، عن البراء بن عازب به، وقد وقع خطأ في المطبوع بتحقيق فواز زمرلي!! حيث أثبت صدقه عن ابن أبي عمران، وهذا خطأ. والبيهقي في الشعب، في باب تعظيم القرآن، فصل في تحسين الصوت بالقراءة والقرآن 2/386، عن صدقة، عن علقمة عن زاذان، عن البراء. والحاكم في المستدرك، كتاب فضائل القرآن 1/768 عن صدقة. إلخ. وفيه "زينوا .." وسكت عنه، وكذا الذهبي، والحديث صحيح، على شرط مسلم. وصدقة ابن أبي عمران الكوفي قاضي الأهواز مختلف فيه، ولا يضر ذلك. قال أبو حاتم صدوق شيخ صالح، وليس بذاك. قال ابن معين: ليس بشىء، وقال مرَّة، لا أعرفه (أي لا أعرف حقيقة أمره). وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الذهبي وابن حجر: صدوق. اهـ. وهو من رجال مسلم. وعلقمة بن مرثد ثقة، من رجال الشيخين، وزاذان أبو عمر هو الكندي مولاهم الكوفي، قال ابن معين: ثقة، وذكره ابن عدي في الكامل. وقال: أحاديثه لا بأس بها. اهـ قلت: وهو من رجال مسلم، وللحديث شواهد كثيرة. فمن هذه الأدلة يباح اختيار الإمام الذي يجيد القرآن، ويكون حسن الصوت به والترتيل، وإذا كان بعيدا فالذهاب إليه أكثر أجرًا، لما يكتب من الخطوات والذهاب والمجيء، والله الموفق. |