قال النبي -صلى الله عليه وسلم- { أسرعوا بالجنازة، فإن تك صالحة فخير تقدمونها إليه، وإن كانت غير ذلك فشر تضعونه عن رقابكم } أخرجه البخاري رقم (1315) في الجنائز. ومسلم رقم (944) في الجنائز. . الإسراع بالجنازة قوله: قال النبي -صلى الله عليه وسلم- { أسرعوا بالجنازة، فإن تك صالحة فخير تقدمونها إليه، وإن كانت غير ذلك فشر تضعونه عن رقابكم } . حمل بعضهم الإسراع على سرعة السير، وقالوا: إنهم كانوا إذا حملوا الجنازة فإنهم يسرعون حتى كأنهم يخبون خبا أو يرملون رملا من سرعتهم، ولكن ورد في الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مر عليه بجنازة وهي تمخض مخض الزق، فقال: { أربعوا أو لا تسرعوا } أخرجه بمعناه ابن ماجه رقم (1479) في ما جاء في الجنائز، وأحمد في المسند رقم (4 / 406). ومعنى: تمخض، أي: تضطرب وتتحرك كما يتحرك الزق وهو السقاء المنفوخ، فيكون هذا دليلا على أنه لا يسرع الإسراع الشديد، لأن ذلك قد يتعبهم ويرهقهم. والصحيح أن قوله: { أسرعوا بالجنازة } المراد به التجهيز، أي: أسرعوا في تجهيزها ولا تتثاقلوا، ولا تتوانوا بها، { فإن تك صالحة فخير تقدمونها إليه } يعني: إذا كانت صالحة فإنكم تقدمونها إلى القبر، والقبر إما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار جزء من حديث طويل أخرجه الترمذي رقم (2460) في صفة القيامة، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. فإن كانت صالحة فإنكم تقدمونها إلى تلك الروضة، التي ينال فيها كرامته وأول جزائه وثوابه. { وإن كانت غير ذلك فشر تضعونه عن رقابكم } يعني: إذا كانت غير صالحة فإنكم تستريحون منها وتضعونها في تلك الحفرة، نسأل الله السلامة العافية. وفي حديث آخر قال عليه الصلاة والسلام: { إذا وضعت الجنازة على السرير واحتملها الرجال على رقابهم، فإنها تصيح وتقول -إن كانت صالحة- قدموني قدموني، وإن كانت سوى ذلك قالت: يا ويلها أين تذهبون بها، يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان، ولو سمعها الإنسان لصعق } أخرجه البخاري رقم (1316) في الجنائز. فأفاد أن قوله: "قدموني" الإسراع في تقديمها إلى القبر. وكذلك ثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: { لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهله } جزء من حديث أخرجه أبو داود رقم (3159) في الجنائز. وضعفه الألباني في ضعيف الجامع رقم (2099)، وفي أحكام الجنائز ص 24. أي: بعد موته يسمى جيفة؛ لأنه فارقته الروح، فلا تحبسوا جيفته، أي: جنازته بين ظهراني أهله؛ بل أسرعوا بها وادفعوها وادفنوها. وكذلك ثبت قوله -صلى الله عليه وسلم- لعلي: { يا علي، ثلاث لا تؤخرهن: الصلاة إذا حضر وقتها، والجنازة إذا وجدت، والأيم إذا وجدت لها كفأ } أخرجه الترمذي رقم (171) في أبواب الصلاة. وضعفه الألباني في ضعيف سنن الترمذي رقم (25). فذكر من جملة ذلك الجنازة، فإذا حضرت لا تؤخر. |