وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- { من سأل الناس أموالهم تكثرا فإنما يسأل جمرا، فليستقل أو ليستكثر } رواه مسلم رواه مسلم رقم (1041) في الزكاة. . وقال لعمر رضي الله عنه: { ما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه، وما لا فلا تتبعه نفسك } رواه مسلم رواه البخاري رقم (7163، 7164) في الأحكام، ومسلم رقم (1045) في الزكاة. . حكم التسول قوله: وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- { من سأل الناس أموالهم تكثرا فإنما يسأل جمرا، فليستقل أو ليستكثر } . قيده بقوله: "تكثرا"، أي: عنده ما يكفيه فيسال زيادة، يستجدي ويستعطي ويسأل الناس، ويظهر أنه فقير وأنه ذو حاجة مع أنه يوجد عنده ما يكفيه، فمثل هذا حرام عليه؛ ولذلك قال: "فإنما يسأل جمرا"، أي: كأنه يأكل نارا والعياذ بالله. وفي حديث آخر أنه عليه الصلاة والسلام قال: { لا تزال المسألة بالرجل حتى يأتي يوم القيامة وليس على وجهه مزعة لحم } رواه البخاري رقم (1474) في الزكاة، ومسلم رقم (1040) في الزكاة. وذلك لأن تعرضه للناس وإظهاره أمامهم الفاقة خدوش يخدش بها وجهه، فكأنه يزيل بشرة وجهه ولحم وجهه والعياذ بالله. والمسألة تحل للحاجة، وفي حديث قبيصة قال: { لا تحل المسألة إلا لثلاثة: رجل تحمل حمالة، ورجل أصابته جائحة- والرجل الذي اجتيح ماله هو الذي أصابته مصيبة فاجتاحت ماله؛ كحريق أو موت في دوابه أو نحو ذلك، فأحلت له المسط له حتى يصيب كفافا أو سدادا- ورجل أصابته فاقة- يعني: فقر- حتى يقوم ثلاثة من ذوي الحجا من قومه، فيقولون: لقد أصابت فلانا فاقة فحلت له المسألة، حتى يصيب سدادا من عيش أو قواما من عيش } رواه مسلم رقم (1044) في الزكاة. . قوله: (وقال لعمر رضي الله عنه: "ما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه، وما لا فلا تتبعه نفسك"): وذلك أنه -صلى الله عليه وسلم- كان أحيانا يأتيه أموال زائدة كخراج أو جزية أو صدقات تطوع، فيعطي بعض أصحابه فيعطي عمر من جملة من يعطيه؛ لأنه كان سخيا كريما، فإذا أعطاه قال: لو أعطيته أفقر مني، فقد يوجد من هو أفقر منه؛ لأن عمر زاهد، وهو أيضا متكسب، فأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن هذا ليس من الزكوات، ولكنه من مال بيت المال، فقال: "ما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف"، أي: ما استشوفت نفسك، "ولا سائل"، أي: ما استجديت، فقلت: أعطوني أنا محتاج وأنا مستحق "فخذه وما لا فلا تتبعه نفسك" سبق تخريجه في المتن. وإذا لم تعط شيئا، فلا تشتغل به ولا تتبعه نفسك، ولا تقل: لم يعطني الأمير أو لم يعطني الملك أو لم يعطني الخليفة؛ بل اقنع بما ترزق. ومن هذا الحديث يؤخذ أنه إذا أتاك من بيت المال شىء وأنت لم تطلبه فلك أن تأخذه ولو كنت لا تستحقه، فإذا رأوا أنك أهل للمكافأة على جهدك وعلى نشاطك في العمل وما أشبه ذلك، فخذه وما لا فلا تتبعه نفسك. |