برؤية هلاله، أو إكمال شعبان ثلاثين يوما، قال -صلى الله عليه وسلم- { إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غم عليكم فأقدروا له } متفق عليه أخرجه البخاري رقم (1900) في الصوم، ومسلم رقم (1581)-8، في الصيام. من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. وفي لفظ: { فأقدروا له ثلاثين } أخرجه مسلم رقم (1081)- 4، في الصيام. وفي لفظ: { فأكملوا عدة شعبان ثلاثين } رواه البخاري رواه البخاري رقم (1909) في الصوم، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. . ويصام برؤية عدل لهلاله، ولا يقبل في بقية الشهور إلا عدلان. قوله: (برؤية هلاله، أو إكمال شعبان... إلخ): الصيام يجب بشيئين الأول: رؤية الهلال. الثاني: إكمال شعبان ثلاثين يوما. لذلك قال -صلى الله عليه وسلم- { إذا رأيتموه- يعني: هلال رمضان- فصوموا، وإذا رأيتموه- يعني: هلال شوال- فأفطروا، فإن غم عليكم- يعني: هلال رمضان. فأقدروا له } . متفق عليه . وقد اختلف العلماء في معنى قوله: "فاقدروا له". فذهب الإمام أحمد في روايته المشهورة إلى أن المراد: ضيقوا عليه، أي: قدروه تسعة وعشرين يوما. والصحيح أن المرادط ما ذكره في الرواية الأخرى: "فأقدروا له ثلاثين"، وفي رواية: "فأكملوا عدة شعبان ثلاثين". * فعلى القول الأول : إن يوم الشك الذي هو اليوم الثلاثين من شعبان يصام، إذا حال دونه غيم أو قتر؛ لأنه من باب الاحتياط، فقد كان كثير من الصحابة يصومونه إذا لم يروا الهلال؛ لأجل غيم أو قتر ليلة الثلاثين، منهم؛ ابن عمر و عائشة وكانت تقول: "لأن أصوم يوما من شعبان، أفضل من أن أفطر يوما من رمضان". * وعلى القول الثاني : إن يوم الثلاثين من شعبان لا يصام إلا إذا رئي، ولو كان هناك غيم أو قتر، وهذا هو الراجح لقوله -صلى الله عليه وسلم- "فأكملوا عدة شعبان ثلاثين". قوله: (ويصام برؤية عدل لهلاله): إذا رأى واحد عدل هلال رمضان قبل صومه، وذلك لأنه ليس له دوافع، فيقبل قوله إذا كان عدلا. وفي حديث ابن عمر { ترائى الناس الهلال، فأخبرت النبي-صلى الله عليه وسلمم أني رأيته، فأمر بصيامه } أخرجه أبو داود رقم (2342) في الصوم، والدار قطني ص 227، وابن حبان (871) وصححه، والحاكم (1 / 423) وصححه، ووافقه الذهبي. وقال الأرناؤوط في تحقيق شرح السنة (6 / 244): إسناده قوي. . وفي حديث آخر: قدم أعرابي فقال: إني رأيت الهلال، فقال: { أتشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؟ فقال: نعم. فأمر الناس بالصيام } أخرجه الترمذي رقم (691) في الصوم، وأبو داود رقم (0 234) في الصوم، والنسائي (4 / 131، 132) في الصوم، وابن ماجه (1652) في الصيام، وابن حبان (875)، والحاكم (1 / 424). ويشهد له حديث ابن عمر السابق. . قوله: (ولا يقبل في بقية الشهور إلا عدلان): يعني هلال شوال يكون به الإفطار فلا يقبل إلا عدلان، وكذلك هلال ذو الحجة، لأن فيه الحج، وكذلك هلال محرم إذا أراد أن يصوم التاسع والعاشر، وقد تساهل كثير من الناس في رؤية الهلال، فظهر كذب كثير من الذين يدعون أنهم يرون هلال شوال برؤية منازله، حيث أخبر الله تعالى أن للقمر منازل في قوله: { وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ } [يس: 39] فإذا تحقق أن هذا الرائي كاذب فلا تقبل روايته بعد ذلك، ولا يكون عدلا، لأن من شروط الرائي أن يكون عدلا، والعدالة لها أوصاف كثيرة مذكورة في كتب الفقه. |