{ وكان صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله، واعتكف أزواجه من بعده } متفق عليه أخرجه البخاري رقم (2026) في الاعتكاف، ومسلم رقم (1172) في الاعتكاف. . الاعتكاف: قوله: { وكان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله، واعتكف أزواجه من بعده } . الاعتكاف: هو لزوم المسجد لطاعة الله فيلزم مسجدا من المساجد ليتفرغ للعبادة وينقطع عن الدنيا وعن الانشغال بها ويقبل على الله تعالى. ويعرفه بعضهم تعريفا حقيقيا، بقوله: الاعتكاف هو قطع العلائق عن الخلائق للاتصال بخدمة الخالق، ومعنى قطع العلائق عن الخلائق، أي: الانقطاع عن مخالطة العوام وعن مجالستهم للاتصال بخدمة الخالق، أي: للتفرغ لخدمة الله تعالى، أي: عبادته وطاعته. وقد ذكر الله الاعتكاف في قوله تعالى: { أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ } [البقرة: 125] وفي قوله تعالى: { وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ } [البقرة: 187] وكان أهل الجاهلية والمشركون يعكفون عند معبوداتهم، قال تعالى: { وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ } [الأعراف: 138] وحكى عن قوم إبراهيم أنهم قالوا: { نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ } [الشعراء: 71] فهذا العكوف إقامة طويلة عند تلك المعبودات، فشرع الله تعالى للأمة إقامة في المساجد للتفرغ للعبادة، وخص بالمساجد، فلا يجوز في غيرها؛ لأن ذلك يفوت الصلوات مع الجماعة، لأنه إذا اعتكف في بيت، فإما أن يخرج كل يوم خمس مرات، وكثرة الخروج تنافي الاعتكاف الذي هو طول المقام، وإما أن يترك الصلاة مع الجماعة، فيترك واجبا من واجبات الإسلام وهو صلاة الجماعة. وقد لازم النبي -صلى الله عليه وسلم- الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان في كل عام لحديث أبي هريرة رضي الله عنه: "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل". أخرجه البخاري برقم (2026)، ومسلم برقم، (1172)- 5. . إلا مرة واحدة لما اعتكف معه ثلاث من نسائه، وضربن لهن أقبية، فترك الاعتكاف تلك السنة، واعتكف عشرا من شوال من باب القضاء لحديث عائشة رضي الله عنها الطويل، أخرجه برقم (2033) وفي مواضع أخرى، ومسلم برقم (1173). . وذكروا أيضا أنه كان يعتكف العشر الأواسط لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أخرجه البخاري برقم (2013) و (2027). قبل أن يأتيه الخبر أن ليلة القدر في العشر الأواخر، فاعتكافه كان التماسا لليلة القدر التي من قامها إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، رجاء أن يوافقها. |