ومن الاستطاعة: أن يكون للمرأة محرم إذا احتاجت إلى سفر. قوله: (ومن الاستطاعة: أن يكون للمرأة محرم إذا احتاجت إلى سفر): اشتراط المحرم للمرأة في السفر يتعين عند حدوث الخوف، وذلك لأنها كانت قديما إذا سافرت على البعير لم يؤمن أن يعرض لها قطاع الطريق، ويعرض لها أهل الشر وأهل الفساد، وهي لا تقدر أن ترد عن نفسها؛ فلذلك اشترط لها المحرم. وذهب المالكية إلى أنه يجوز لها أن تحج مع نسوة ثقات معهن محارمهن، وذلك لأن المالكية أغلبهم في المغرب وفي الأندلس وفي جهات أفريقيا البعيدة ويشق عليهم أن يحجوا كل عام، فلذلك لا يحج منهم إلا أفراد قلت، فقالوا: إذا تيسر للمرأة حج ولم يكن لها محرم، فإن عليها أن تحج مع نسوة ثقات معهن محارمهن، والجمهور قالوا: لا تحج إلا مع محرمها، لكن في هذه الأزمنة قد يتسامح في هذا الأمر؛ وذلك لعدم وجود الخلوة المحذورة، ولقصر المدة. والخلوة هي : كون المرأة -مثلا- تسافر مسيرة شهر أو شهرين أو ثلاثة أشهر وهي راكبة على البعير يمر بها بعيرها يوما هنا ويوما هناك، ويخلو بها إنسان ليس بمحرم، أما في هذه الأزمنة فإذا ركبت في الطائرة أو في الباخرة أو في الحافلة ركبت بين نساء، ولم يكن أحد يتعرض لها ولا يميزها، واستقرت في مركبها إلى أن تنزل دون أن يتفطن لها ودون أن يعرفها أحد ودون أن يخلو بها أحد، فالخلوة في هذه الأزمنه قليلة، ومع ذلك لا يزال الشرط باقيا، لكن عند الضرورة يجوز ذلك كالخادمات اللاتي يقدمن بلا محارم، ويشترط أهلهن: عليكم أن تحجوا بهن، فإذا حجت مع حافلة في رحلة يميزون فيها النساء عن الرجال، ويجعلون لهن مستقرا خاصا، فلعل ذلك جائز للحاجة. أما إذا كان الحج لا يحتاج إلى سفر كما لو كانت في مكة، فمكه قريبة لا تحتاج إلى محرم. |