من ترك ركنا من أركان الحج

والفرق بين ترك الركن في الحج، وترك الواجب: أن تارك الركن: لا يصح حجه حتى يفعله على صفته الشرعية. من ترك ركنا من أركان الحج: قوله: (والفرق بين ترك الركن في الحج وترك الواجب: إن تارك الركن: لا يصح حجه حتى يفعله على صفته الشرعية): أي: إن الذي يترك ركنا من أر كان الحج التي ذكرناها فإن حجه لا يصح حتى يأتي بالركن الذي تركه. فالذي يترك الإحرام -مثلا- لم يدخل في النسك؛ لأن الإحرام هو نية النسك، فإذا وقف بعرفة بغير إحرام لم يكن حاجا، فلا بد أن يكون محرما، والذي يحوم للحج ولكنه لا يقف بعرفة لا يتم حجه، ومعناه أنه مثلا لو بقي في مزدلفة، أو بقي في منى يوم عرفة، ولم يصل إلى عرفة، ولم يقف فيها ولو قليلا يوم عرفة وليلة النحر، لم يتم حجه، فقد قال -صلى الله عليه وسلم- { الحج عرفة } رواه أبو داود رقم (1949) في الحج، والترمذي رقم (889) في الحج، والنسائي (5 / 256) في الحج، وابن ماجه رقم (3515) في الحج، وصححه الألباني رقم (1064) في الإرواء. وهو عند الزركشي برقم (1682) بلفظه. بمعنى: إن معظم الحج وركن الحج الذي يفوت هو يوم عرفة. * وأما البقية فإنها لا تفوت، فالطواف بالبيت الذي هو طواف الزيارة أو طواف الإفاضة ركن، ولكنه لا يفوت، فإن طافه يوم العيد فهو أفضل، وإن طافه في أيام التشريق جاز، وإن طافه بعد ذلك ولو في اليوم الخامس عشر أو العشرين أدرك ذلك. * والسعي أيضا ركن على القول الصحيح، ومع ذلك لا يفوت، فيمكن إدراكه، ومحله بعد الطواف، أي: لا بد أن يكون السعي بعد الطواف المشروع، وهذا هو القول الراجح، والصحيح أيضا أنه لا يجوز أن يقدم على الطواف إلا إذا كان من فعل ذلك ناسيا أو جاهلا فسعى قبل الطواف فإن ذلك يجزئه؛ للحديث الذي ورد أن رجلا قال للرسول -صلى الله عليه وسلم- { لم أشعر فسعيت قبل أن أطوف، فقال: "لاحرج" } رواه أبو داود رقم (2015) في الحج، وصححه الألباني في صحيح أبي داود رقم (1775). وقال الأرناؤوط في تحقيق شرح السنة (7 / 214): إسناده جيد. . وجمهور الصحابة اتبعوا النبي -صلى الله عليه وسلم- في تقديمه الطواف على السعي في الحج وفي العمرة، فبدأ بالطواف فلما كمله أتى بعده بالسعي، قالوا: لأن الطواف هو الأصل، وهو الذي أكثر الله من ذكره، قال تعالى: { وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ } [الحج: 29] وقال: { أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ } [البقرة: 125] وقال: { وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ } [الحج: 26] وتحية مكة الطواف بالبيت فيبدأ به، فإن أخذ برأي من يرى تقديم السعي وهو عارف بأنه لا يقدم إنه يعيد السعي بعد الطواف.