وإن بيع مكيل بمكيل من غير جنسه أو موزون بموزون من غير جنسه: جاز، بشرط التقابض قبل التفرق. وإن بيع مكيل بموزون أو عكسه: جاز، ولو كان القبض بعد التفرق. والجهل بالتماثل كالعلم بالتفاضل. قوله: (وإن بيع مكيل بمكيل من غير جنسه، أو موزون بموزون من غير جنسه: جاز، بشرط التقابض قبل التفرق): صورة ذلك: إذا بيع بر بأرز فيشترط التقابض دون التماثل، فيجوز أن تبيع صاع أرز بصاعين من بر أو العكس، أو صاع بر بصاعين من الشعير أو بصاعين من التمر، وذلك لعدم الجنسية، فالجنس مختلف، ولكن العلة واحدة وهي الكيل أو الطعم أو القوت. وكذلك يجوز بيع موزون بموزون من غير جنسه ؛ فتبيع مثلا كيلو من لحم السمك بكيلوين من لحم الإبل؛ يجوز لاختلاف الجنس. ولكن يشترط التقابض فيكون يدا بيد، ودليله في هذا الحديث: { فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد } سبق تخريجه، ص 14. إذا بيع مكيل بمكيل ولكن مختلف كملح ببر، كصاع بر بعشرة آصع ملح يجوز، ولكن التقابض لا بد منه، فلا بد أن يكون يدا بيد، فالذي يحذر منه هو بيع تمر بتمر متفاضلا، فعند بيع التمر بالتمر لا بد من شرطين: التماثل والتقابض، وأما إذا بيع تمر بزبيب فإن الجنس اختلف، فيجوز التفاضل بشرط التقابض قبل التفرق، فلو كان أحدهما غائبا فإنه لا يجوز البيع. فإذا أرسلوا من يأتي به فلما حضر، قيل له: هذا الكيس من التمر بهذا الكيس من البر، جاز ذلك، ولو كان أحدهما أكثر من الآخر. قوله: (وإن بيع مكيل بموزون أو عكسه جاز، ولو كان القبض بعد التفرق): لاختلاف العلة، فتكون في هذه الحال العلة مختلفة، ومثاله: لحم ببر، فالعلة في اللحم: الوزن، والعلة في البر: الكيل، فلما اختلفت العلة صار موزونا بمكيل؛ فجاز التفرق وجاز التفاضل، فتقبض مثلا اللحم ولو تأخر قبض البر أو بالعكس؛ جاز القبض بعد التفرق. قوله: (والجهل بالتماثل كالعلم بالتفاضل): هذه قاعدة من قواعد الفقهاء، والجهل بالتماثل هو: أن يقع الشك في هذين الكيسين: كيس بر وكيس بر، وكيس أرز وكيس أرز، ولا ندري ما مقدار هذا وما مقدار هذا، فيمكن أن يكون أحدهما أكثر من الآخر، فهذا جهل بالتماثل، وهذا الجهل بمنزلة العلم بالتفاضل، يعني: بمنزلة ما لو عرف أن هذا عشرة وهذا أحد عشر، فلا يجوز، والعلم بالتفاضل هو أن نعلم يقينا أن أحدهما أكثر من الآخر، فإذا جهلنا تماثلهما وتساويهما فإننا لا نبيعهما حتى نتحقق التماثل بالكيل أو الوزن أو بالمعيار الشرعي. |