[ الشرط السادس]: ومن الشروط: أن لا يقع العقد على محرم شرعا: إما لعينه، كما { نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن بيع الخمر والميتة والأصنام } متفق عليه رواه البخاري برقم (2236) في البيوع، ورواه مسلم برقم (1581) في المساقاة. ولفظه عن جابر رضي الله عنه، أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول وهو بمكة عام الفتح:" إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام 00" الحديث. . وإما لما يترتب عليه من قطيعة المسلم، كما { نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن البيع على بيع المسلم، والشراء على شرائه، والنجش } متفق عليه رواه البخاري رقم (2150) في البيوع، ومسلم رقم (1515) في البيوع. عن أبي هريرة رضي الله عنه. . الشرط السادس: أن يكون المبيع مباحا قوله: (ومن الشروط: أن لا يقع العقد على محرم شرعا... إلخ): يعني: من شروط البيع أن يكون المبيع مباحا، يباح الانتفاع به بكل حال، فيخرج ما لا يجوز بيعه مثل: المحرمات؛ كالكلاب، والسباع، والخمور، وآلات الغناء، والصور، وما أشبهها، فإن بيعها باطل؛ لأنها محرمة، والذي يشتريها يستعملها في محرم، والذي يبيعها يعين بها على محرم. كذلك إذا كان التحريم شرعيا ليس تحريما عقليا؛ لأن تحريم الخمور مثلا والميتات والخنازير تحريم عقلي؛ لأن العقل يؤيده، ولكن تحريم الربا وتحريم العينة وما أشبهها محرم شرعا، فإذا كان المبيع محرما في الشرع أو محرما في العقل، فإن العقد عليه باطل، ودليل ذلك حديث جابر قال: { نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن بيع الخمر والميتة والأصنام } انظر الحديث السابق. فالخمر محرم شرعا والعقل يؤيد تحريمه، والميتة محرمة شرعا وطبعا، والأصنام محرمة شرعا؛ لأنه لا نفع فيها. كذلك الذي يحرم لما يترتب عليه من القطيعة بين المسلمين، كقوله صلى الله عليه وسلم: { لا يبع بعضكم على بيع بعض } رواه البخاري رقم (2165) في البيوع وتمامه: " ولا تلقوا السلع حتى يهبط بها إلى السوق ". ورواه مسلم رقم (1412) في المساقاة وتمامه عنده: " ولا يخطب بعضكم على خطبة بعض ". عن ابن عمر رضي الله عنهما. فقد نهى الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يبيع أحدكم على بيع أخيه أو يشتري على شراء أخيه؛ لأنه يسبب التقاطع والتشاحن. وصورة البيع على بيع أخيه إذا رأيت أخاك يبيع سلعة وليكن ثوبا بعشرة دراهم، فدعوت المشتري قبل أن يتفرقا، وقلت له: أنا أبيعك بتسعة، فإن أخاك يسخط عليك، ويحقد عليك، ويحدث بينك وبينه عداوة، إلا إذا كان بيع مزايدة أو بيع مناقصة. وبيع المناقصة أن تعلن- مثلا- شركة عن رغبتها في سيارات، فيأتيهم هذا فيقول: عندي سيارات وسعرها ستون، ثم يأتي آخر فيقول: عندي سيارات سعرها تسعة وخمسون، ثم يأتي آخر فيقول: عندي سيارات سعرها ثمانية وخمسون، فهذا بيع المناقصة. وكذلك شراء المزايدة : فإذا عرضت في السوق سلعة، فقال هذا: أنا أشتريها بعشرين، فقال الثاني: بل بواحد وعشرين، فقال الثالث: بل باثنين وعشرين، فهذا يسمى بيع المزايدة. قد ثبت { أنه -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلا يسأل، فقال: " ألا تملك شيئا"، فأخبر بأن عنده قدحا وإناء، فقال: "ائتني بهما"، فقال: "من يشتريهما"، فقال رجل: بدرهم، فقال: "من يزيد على درهم" فقال آخر: بدرهمين، ثم باعها بالمزايدة، ثم أمره أن يشتري فأسا وحبلا، وأن يحتطب وأن يبيع وأن يغني نفسه } رواه أبو داود مطولا رقم (1641) في الزكاة، والنسائي (7 / 259) في البيوع مختصرا، والترمذي رقم (1218) في البيوع، وابن ماجه رقم (2198) في التجارات، وضعفه الألباني في الإرواء رقم (1289). . فالحاصل أن هذا هو بيع مزايدة أما عدم المزايدة فمثلا إذا رأيت أخاك اشترى ثوبا بعشرة، وهو محتاج إليه، وبعدما تم البيع، إلا أنهما لم يتفرقا، قلت للبائع: أنا أشتريه منك بأحد عشر، فانتزعه من المشتري الأول وباعه عليك، فهذا لا يجوز؛ لأنه يسبب البغضاء بين الناس. كذلك ثبت عن النبي أنه قال: { لا تدابروا، ولا تقاطعوا، ولا تحاسدوا، ولا تناجشوا } رواه البخاري برقم (6064، 6066) في الأدب، ومسلم برقم (2563، 2564) في البر والصلة. من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. ورواه البخاري برقم (6065) في الأدب. من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه. والنجش هو: الزيادة في السلعة ممن لا يريد شراءها، فإما أنه يريد نفع البائع أو ضرر المشتري، فالناجش خاطىء، فإذا- مثلا- عرض هذا الكتاب وقيمته عادة خمسة دراهم، وهناك إنسان بحاجة إليه، ولكنه لا يعرف القيمة، فجاء إنسان فقال: بستة، فصاحبنا الذي أراده قال: أشتريه بسبعة، فقال هذا الناجش: بثمانية، فقال صاحبنا: بتسعة، فقال الناجش: بعشرة، فقال صاحبنا: بأحد عشر، وقيمة الكتاب أصلا خمسة دراهم، وهذا الناجش لا يريد شرائه، وليس له حاجة إليه، ولكن يريد أن يزيد فيه حتى ينفع البائع؛ أو يريد ضرر المشتري فهذا حرام. |