ومن ذلك: نهيه -صلى الله عليه وسلم- عن التفريق بين ذي الرحم في الرقيق كما في حديث أبي أيوب الأنصاري أنه مر بصاحب المقاسم وقد أقام السبي، فإذا امرأة تبكي، فقال: ما شأن هذه؟ قالوا: فرقوا بينها وبين ولدها، قال: فأخذ بيد ولدها حتى وضعه في يدها، فانطلق صاحب المقاسم إلى عبد الله بن قيس فأخبره، فأرسل إلى أبي أيوب فقال: ما حملك على ما صنعت؟ قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين الأحبة يوم القيامة". أخرجه بهذا اللفظ الإمام أحمد (5 / 413)، والترمذي رقم (1283) في البيوع، ورقم (1566) في السير، والحاكم (2 / 55)، والداقطني (256)، وحسنه الترمذي والحاكم، ووافقهما الألباني في المشكاة رقم (3361)، وصححه الألباني أيضا في صحيح الجامع رقم (6412). . قوله: (ومن ذلك: نهيه -صلى الله عليه وسلم- عن التفريق بين ذوي الرحم في الرقيق): كذلك من المحرمات في البيوع التفريق بين ذوي الرحم وقد ثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- نهى عن التفريق بين المرأة وولدها فقال صلى الله عليه وسلم: { من فرق بين والدة وولدها، فرق الله بينه وبين أحبته } انظر تخريج الحديث السابق. ويكون هذا في المملوكة إذا كان لها ولد، فباع المملوكة في بلاد، وباع ولدها في بلاد أخرى، أو باع ولدها في طرف البلاد وباع أمه في طرف البلاد الآخر البعيد فتفرقا، فلا شك أنها ستحزن على فراق ولدها وتشفق عليه، وأنها ستتضرر لفراقه، وسيغلب عليها الرحمة والبكاء والرقة فلا تهنأ بعيش، فهذا البائع هو الذي أثم بتفريقهما. وفي حديث آخر أن عليا - رضي الله عنه- دخل بأخوين طفلين أو شابين مملوكين، فباع أحدهما هنا، وباع الآخر هنا، ففرق بينهما، فلامه النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: { اذهب فاسترجعهما ولا تبعهما إلا جميعا } رواه الترمذي برقم (1284) في البيوع، وابن ماجه رقم (2249) في التجارات، ولفظه عن علي-رضي الله عنه- قال: " وهب لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غلامين أخوين فبعت أحدهما، فقال لي رسول الله: يا علي ما فعل غلامك؟ فأخبرته فقال: " رده رده ". قال الألباني في المشكاة رقم (3362): " إسناده ضعيف ". وقال الشيخ ابن جبرين: ورواه أحمد في المسند برقم (760) وصححه المحقق باللفظ الأول، وذكره الحافظ في البلوغ في البيوع، وقال: وصححه ابن خزيمة وابن حبان... إلخ. وحيث كانا أخوين شقيقين، كل منهما يحب أخاه، ويشفق عليه، فلا يجوز أن تفرق بينهما. ويستدل بحديث: { من فرق بين والدة وولدها، فرق الله بينه وبين أحبته } انظر التخريج السابق. فيدخل فيه- وإن لم يكن بيعا- الرجل الذي طلق امرأته ومعها ولد، وانتزع ولدها منها وهي تشفق عليه، وحجبها عنه وحجبه عنها، فإن ذلك داخل في الوعيد. |