المزارعة

والمزارعة: بأن يدفع الأرض لمن يزرعها بجزء مشاع معلوم من الزرع. وعلى كل منهما: ما جرت العادة به، والشرط الذي لا جهالة فيه. ولو دفع دابة إلى آخر يعمل عليها، وما حصل بينهما: جاز. رابعا: المزارعة قوله: (والمزارعة: بأن يدفع الأرض لمن يزرعها بجزء مشاع معلوم من الزرع...الخ): فيقول مثلا: ازرع هذه الأرض ولي نصف الزرع، ولك النصف قل أو أكثر، وعلى كل منهما ما جرت العادة به، فالعامل عليه حرث الأرض، وتسويتها، وإصلاح الجداول، وإخراج الماء، والحصاد وما أشبه ذلك، والمالك عليه الماكينة وما أشبه ذلك. إذا كان الشرط معلوما ليس فيه جهالة فإنه جائز. قوله: (ولو دفع دابته إلى آخر يعمل عليها وما حصل بينهما جاز): هذه تسمى مؤاجرة، يعني: أعطاه دابته، وقال: لك نصف ما يحصل عليها من دخل ونحوه، أو أعطى له سيارته، وقال: هذه السيارة اعمل عليها ولك نصف الدخل بتعبك، ولي نصفه أجرة سيارتي مثلا، فكل هذه الأشياء التي شرعت لأجل المصلحة بين العباد تجوز. فائدة: العقد اللازم والعقد الجائز من العقود ما هو عقد لازم، ومنها ما هو عقد جائز، فعقد البيع لازم إلا إذا كان فيه خيار، وبعد تمام شروطه وانتفاء أسباب الخيار يصبح عقدا لازما، وسواء كان بيع منقول أو بيع عقار. كذلك عقد الرهن لازم في حق الراهن، جائز في حق المرتهن؛ فالراهن لا يقدر على استرجاعه، والمرتهن يجوز أن يسقط رهنه أو حقه من الرهن. كذلك عقد الحجر، مثل أن يحجر الإمام أو يحجر الشرع على إنسان، عقد لازم. أما عقد الوكالة فإنه عقد جائز، وكذلك عقد الشركة بأنواعها هو عقد جائز، وعقد المساقاة وعقد المزارعة عقد جائز؛ يجوز لكل من المتعاقدين فسخه؛ وذلك لأنه شبيه بالمصالحة، إلا أن عقد المزارعة والمساقاة فيه خلاف، حيث هناك من يلزم الوفاء به، وذلك لأنه قد يترتب على فسخه ضرر على أحد المتعاقدين، كما إذا زارعه على هذه الأرض وبعدما زرعها واخضر الزرع طرده المالك، وقال: لا حق لك، فإنه في هذه الحال يتضرر، ولكنهم يقولون: له أجرة مثله والزرع للمالك، وكذلك إذا طرده في الثمر له أجرة مثله، والثمر للمالك لأنه عين ماله. وأما الصلح فإنه إذا تم فإنه يصبح عقدا لازما، فلا يستطيع أحدهما أن يفسخه. فاللازم هو الذي إذا تم لا يمكن فسخه كالنكاح، وأما الجائز فهو الذي يمكن لكل منهما فسخه كالوكالة.