شرح حديث ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة

وعن أبي هريرة مرفوعا: { قال الله تعالى: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره } رواه مسلم رواه البخاري رقم (2227، 2275) في الببوع، والإجارة، وقد عزاه ابن حجر في بلوغ المرام لمسلم، وتابعة المؤلف فعزاه كذلك لمسلم، ولم أجده في مسلم. . قوله: (وعن أبي هريرة مرفوعا: { قال الله تعالى: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر... } إلخ): * فقوله: { ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة } وفي رواية: { ومن كنت خصمه خصمته } هذه رواية ابن ماجه رقم (2442) في الرهون ، والإمام أحمد (2 / 358). وهذا صحيح فلا أحد يقدر أن يخاصم الله تعالى. * الأول: { رجل أعطى بي ثم غدر } الغدر: هو الخلف وأعطى بي: يعني: تعهد، وقال: لك عهد الله وميثاقه أنني أوفيك في كذا، أو لا آخذ منك إلا قدر كذا وكذا، ثم إنه غدر، فهذا يخصمه الله يوم القيامة. والغدر من صفات المنافقين كما ورد في الحديث: { أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كان فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها } وذكر منها قوله: { إذا عاهد غدر } رواه البخاري رقم (34) في الإيمان، وتمامه بلفظ: "إذا ائتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر" ورواه مسلم رقم (58) في الإيمان بلفظ: "إذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر". . وفي حديث آخر أنه عليه السلام قال: { يرفع لكل غادر لواء يوم القيامة، يقال: هذه غدرة فلان ابن فلان } أخرجه البخاري رقم (6177) في الأدب، ومسلم رقم (1735) في الجهاد والسير. والغدر كذب؛ لأنه يتوثق منك وتتوثق منه، ثم لا تفي بذلك. * الثاني: { ورجل باع حرا فأكل ثمنه } فهذا أكل حراما؛ لأن بيع الحر حرام، يعني: إذا قهر إنسانا فظلمه، وقال: هذا مملوكي، هذا عبدي، ثم باعه فأكل ثمنه. * الثالث: { ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره } وهذا أيضا حرام، أن يستأجر رجل لعمل ما ثم إذا انتهى من العمل يمنعه حقه ولا يعطيه أجره ويقع هذا كثيرا- والعياذ بالله- في هذه الأزمنة، بالنسبة للعمالة؛ يستقدمونهم كعمال، ويفرضون لهم هناك- مثلا- أن أجرتك ألف، فإذا جاء إلى هنا لم يعطه إلا ستمائة أو نحوها، فهذا خيانة وكذب، حتى ذكر لي أحد العمال أنه جاء على كفالة شركة وقد فرضوا له راتبا أربعمائة وفرضوا له أيضا سكنى ونفقة ينفقونها عليه، ثم إنهم جعلوه خادما في مسجد ولم يعطوه إلا غرفة صغيرة، أما الأجرة فبخسوه ولم يعطوه إلا مئتين وخمسين، أليس هذا منتهى الظلم؟! وقالوا: إن هذا الراتب يشمل نفقة طعامك. فلا شك أن هؤلاء ممن يكون الله تعالى خصمهم يوم القيامة.