الكتابة

والكتابة: أن يشتري الرقيق نفسه من سيده بثمن مؤجل بأجلين فأكثر، قال تعالى: { فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا } النور: 33 يعني: صلاحًا في دينهم وكسبًا. فإن خيف منه الفساد بعتقه أو كتابته أو ليس له كسب: فلا يشرع عتقه ولا كتابته. ولا يعتق المكاتب إلا بالأداء ؛ لحديث: { المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته درهم } رواه أبو داود رواه أبو داود رقم (3926)، وأحمد (2 / 178، 184)، وهو في الزركشي برقم (3202، 3908). [ قاله الشيخ ابن جبرين ]. وحسن إسناده الألباني في الإرواء رقم (1674). وعن ابن عباس مرفوعًا، وعن عمر موقوفًا: { أيما أمة ولدت من سيدها فهي حرة بعد موته } أخرجه ابن ماجه حديث ابن عباس المرفوع رواه إبن ماجه رقم (2515) في العتق بلفظ: " أيما رجل ولدت أمته منه، فهي معتقة عن دبر منه " ، والحاكم (2 / 19) وصححه، ورده الذهبي. وضعف سنده الحافظ في البلوغ برقم (1247)، وضعفه الألباني في ضعيف ابن ماجه رقم (547)، وفي الإرواء رقم (1771)، وانظر تخريجه في التعليق على الزركشي (3922). والراجح الموقوف على عمر حديث عمر الموقوف رواه البيهقي (10 / 346)، والدارقطني (4 / 130) وغيرهما. قال الحافظ في التلخيص: الصحيح أنه موقوف. رضي الله عنه. والله أعلم. الكتابة: قوله: (والكتابة: أن يشتري الرقيق نفسه من سيده بثمن مؤجل بأجلين فأكثر، قال تعالى... إلخ): سميت بذلك لأنها تكتب الأقساط؛ سواء أكان كل سنة أم كل شهر، يشعر العبد من نفسه بأنه قادر على الكسب؛ فيقول: يا سيدي بعني نفسي، فيقول: قيمتك حاضر عشرة آلاف أبيعك نفسك بعشرين ألفًا مؤجلة لمدة أربع سنين كل سنة تسلم خمسة آلاف، فيقول: قبلت، ثم يذهب يحترف؛ يكتسب ويشتغل ويتجر ويعمل، فإذا أدى إليه أقساطه الأربعة، عشرين الألف عتق. إذا طلب منه هذا العبد الكتابة وعلم أنه قادر لزمه ذلك، لقوله تعالى: { وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا } النور:33 يعني: من مماليككم إذا طلبوا الكتابة فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرًا، إذا علمت مثلا أنه سيصير عضوًا عاملاً لا عضوًا أشلّ، إذا علمت بأنه سينفع نفسه وسينفع المسلمين إذا عتق وعلمت أنه قادر على الكسب ويقدر على الاحتراف ويقدر على الاتجار والاكتساب، وسيؤدي النجوم التي عليه في حينها، ففي هذه الحال يلزمك أن تكاتبه. ثم قال تعالى: { وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ } النور: 33 الأمر إما أنه للعائل السيد أو أنه للمسلمين عمومًا، يعني أيها المسلمون ساعدوا هذا العبد الذي اشترى نفسه، أعطوه من مال الله الذي آتاكم حتى يحرر نفسه. وإذا قيل: إنه للسيد، فقيل: إنه يلزمه أن يعتقه ويسقط عنه الثلث أو الربع، أو الخمس، على قدر عسره أو يسره. وقوله تعالى: { إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا } النور: 33 يعني: صلاحًا وكسبًا وقدرة على الاتجار وقدرة على الاكتساب، فإن خيف منه فساد بعتقه فلا يشرع، إما لأنه يصير عالة على الناس، وإما لأنه يصير مع قطاع الطريق، وإما لأنه يصير مثلاً مع أهل الشرور وأهل الغناء وأهل اللهو، وما أشبه ذلك. قوله: (ولا يعتق المكاتب إلا بالأداء؛ لحديث: { المكاتب عبد } إلخ): يعني: إذا أدى آخر ما عليه عتق وصار حرًّا، لقوله صلى الله عليهه وسلم: { المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته درهم } وفي حديث عن أم سلمة: { إذا كان لإحداكن مكاتب فملك ما يؤدي فلتحتجب عنه } رواه أبو داود رقم (3928) في العتق، والترمذي رقم (1261) في البيوع، وابن ماجه رقم (2520) في العتق. وضعفه الألباني في ضعيف سنن ابن ماجه رقم (549)، وهو في الزركشي برقم (3909) . . يعني: أصبح ليس محرفًا لها، أصبحت ملزمة بأن تحتجب عنه. صورة ذلك: إذا كان هذا العبد اشترى نفسه بعشرين ألف درهم من امرأة، ثم إنه اكتسب أموالا كثيرة كل سنة يؤدي إليها خمسة آلاف، يكتسب في السنة أكثر من عشرين ألفًا وقد اكتسب أرضًا وبني دارا وملأها أثاثا، وصار عنده متاع أصبح مالكًا لثمنه أو لأضعاف ثمنه؛ فإنها تحتجب عنه. قوله: (وعن ابن عباس مرفوعا، وعن عمر موقوفًا: { أيما أمة ولدت من سيدها فهي حرة بعد موته } إلخ): هذه أم الولد، وصورته: إذا كان لك أمة مملوكة ثم إنك وطئتها بملك اليمين، فحملت، فولدت ولدًا ذكراً أو أنثى، حيًّا أو ميتًا؛ إذا تبين فيه خلق الإنسان فإنها تصير حرة بعد الموت، ومادام حيًا فإنه يستخدمها ويطؤها ويستمتع بها فإذا مات عتقت من رأس المال، هذه أم الولد، وفيها خلاف، حتى إن بعضهم يقول: يعتقها ولدها أو تعتق من نصيب ولدها، والراجح أنها تعتق من رأس المال.