أولى الناس بتزويج الحرة

وأولى الناس بتزويج الحرة أبوها وإن علا، ثم ابنها وإن نزل. ثم الأقرب فالأقرب من عصباتها. وفي الحديث المتفق عليه: { لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن، قالوا: يا رسول الله، وكيف إذنها؟ قال: أن تسكت } أخرجه البخاري رقم (5136) في النكاح، ومسلم رقم (1419) في النكاح. وقد سبق تخريج بعض روايات الحديث، انظر ص 211. . قوله: (وأولى الناس بتزويج الحرة: أبوها وإن علا): إذا عرفنا أنه لا بد من ولي فأولى الناس بولايتها الأب، ومعلوم أن الأب معه من الشفقة ما يحمله على أن يختار لها الكريم ولا يمنعها من الكفء، ولذلك يكون هو الولي ولا ولاية لأحد معه، بمعنى أنه إذا كان لها إخوة ولها أب، فالأب هو الذي يزوجها إلا أن يوكل أحدًا من الإخوة أو غيرهم. وقوله: (وإن علا)، يدخل فيه الجد إذا كان جدها موجودًا، فإن الجد والد فله أن يتولى تزويجها بدلا عن الأب، وليس لإخوتها مثلا ولا لغيرهم أن يزوجوها مع وجود الأب. قوله: (ثم ابنها وإن نزل): يعني: إذا لم يكن لها أب ولا جد فيزوجها ابنها فإنه أقرب،، وهذا عند الجمهور، أما الشافعية فلا يرون أن الابن يزوج أمه، كأنهم يستأنفون من ذلك، فيقولون: كيف يزوج الابن أمه؟ ولكن الصحيح أنه لا مانع من ذلك، ومعنى: (وإن نزل)، يعني: ابن الابن يزوج جدته. قوله: (ثم الأقرب فالأقرب من عصباتها): عرفنا القرابة في باب المواريث أن الأقرب بعد الأب وابنه، الأخ الشقيق، ثم الأخ لأب، ثم ابن الأخ الشقيق، ثم ابن الأخ لأب، ثم العم الشقيق، ثم العم لأب، إلى آخر ما تقدم. ولا يزوجها من ليس من العصبة، فلا يزوجها أخوها من الأم؛ لأنه من ذوي الأرحام، ولا يزوجها الخال، ولا يزوجها جدها أبو الأم، وذلك لأنه من ذوي الأرحام، فلو كان لها خال وأخ من الأم ولها ابن ابن ابن عم، فإن ابن العم يزوجها، ولو كان هو البعيد؛ لأنه من العصبة. قوله: (وفي الحديث المتفق عليه: { لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن } إلخ): يعني: إذا سكتت البكر فإن ذلك دليل على أنها رضيت، فأما إذا كانت كارهة وأعلنت الكراهية، أو أجلت وقالت: أمهلوني حتى أسأل أو حتى أصلي صلاة الاستخارة مثلا، أو حتى استشير أو نحو ذلك. أما إذا سكتت فإن ذلك دليل الرضى، والأولى أن تعاود بعد ذلك مرة بعد مرة حتى يتأكد من رضاها. فإذا بكت مثلا أو تمعر وجهها أو أظهرت الكراهية أو ما أشبه ذلك فلا تزوج حتى يتحقق من موافقتها.