القَسْم بين الزوجات

وعليه: أن يعدل بين زوجاته في القَسْم، والنفقة، والكسوة، وما يقدر عليه من العدل، وفي الحديث: { من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما، جاء يوم القيامة وشقه مائل } متفق عليه الحديث ليس متفقاً عليه وإنما رواه أحمد (2 / 347)، وأبو داود رقم (2133) في النكاح، والترمذي رقم (1141) في النكاح، والنسائي (7 / 63) في عشرة النساء، وابن ماجه رقم (1969) في النكاح، والبيهقي (7 / 297)، والحاكم (2 / 186)، وقال صحح على شرط الشيخين، وصححه الألباني في الإرواء رقم (2017)، وهو في شرح الزركشي (2666). . وعن أنس { من السنة: إذا تزوج الرجل البكر على الثيب أقام عندها سبعًا، ثم قسم، وإذا تزوج الثيب: أقام عندها ثلاثًا، ثم قسم } متفق عليه رواه البخاري رقم (5213، 5214) في النكاح، ومسلم رقم (1461) في الرضاع. . وقالت عائشة: " { كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا أراد سفرًا أقرع بين نسائه، فأيتهن خرج سهمها جرج بها } متفق عليه رواه البخاري رقم (2593) في الهبة وقد رواه في سبعة عشر موضعًا في الصحيح. وسلم رقم (2770). . القَسْم بين الزوجات قوله: (وعليه أن يعدل بين زوجاته في القَسْم والنفقة والكسوة وما يقدر عليه من العدل): القَسْم: التسوية والعدل، فإذا كان له زوجتان فإنه يبيت عند هذه ليلة وعند هذه ليلة، وإذا كسا هذه كسا هذه مثلها، وإذا اشترى لهذه فاكهة اشترى للأخرى فاكهة كذلك، وإذا اشترى لهذه لحمًا، اشترى للأخرى لحمًا أو قسم اللحم بين الثنتين لا يُؤْثر واحدةً على الأخرى؛ فإن ذلك من الجور الذي نهى الله تعالى عنه في قوله: { فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً } النساء: 3 . وقالوا: القسم هو العدل في المبيت ولا يلزم منه الوطء، يعني: لا يلزمه أن يسوي بينهن في الوطء فإذا جامع هذه جامع هذه، فإن هذا شيء قد لا يقدر عليه؛ وذلك لأنه يتعلق بالشهوة، والإنسان قد لا تميل نفسه إلى إحداهن وتميل إلى الأخرى أكثر، ولذلك ثبت عن عائشة قالت: { كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقسم بين نسائه فيعدل، ويقول: اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك } رواه أبو داود رقم (2134) في النكاح، والترمذي رقم (1140) في النكاح، والنسائي (7 / 64) في عشرة النساء، وابن ماجه رقم (1971) في النكاح، وضعفه الألباني في الإرواء رقم (2018)، وضعيف الجامع رقم (4596)، وهو في الزركشي برقم (2667). يعني: القلب، فلا يقدر الإنسان أن يسوي بينهن في المحبة وفي الميول، ولكن القسم الظاهر هو أن يبيت عند هذه ليلة وعند هذه ليلة. قوله: (وفي الحديث: { من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما، جاء يوم القيامة وشقه مائل } متفق عليه): في هذا الحديث نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ميل الرجل إلى إحدى نسائه ويترك الأخرى، والميل قد يكون في النفقة، فينفق على واحدة ويترك الأخرى بدون نفقة، أو يقتر على واحدة ويوسع على الأخرى، أو في المبيت، يبيت عند هذه ولا يبيت عند الأخرى، أو يبيت عند هذه عشرة أيام وعند هذه يومًا أو نحو ذلك؛ فإن هذا كله ميل ظاهر، وكذلك في الكسوة، إذا كسا هذه كسوة بمائة ريال - مثلا- كسا هذه بعشرين وهذا أيضا ميل، فلا بد أن يسوي بينهما، ولو كانت إحداهما كبيرة والأخرى صغيرة، ولو كانت هذه قديمة وهذه جديدة، فلا بد من التسوية بينهما حتى لا يكون ممن يأتي يوم القيامة وشقه مائل. قوله: (وعن أنس: { من السنة: إذا تزوج الرجل البكر على الثيب أقام عندها سبعًا، ثم قسم، وإذا تزوج الثيب: أقام عندها ثلاثًا، ثم قسم } ): وذلك لأن الجديدة قد يكون لنفسه ميل إليها مادامت جديدة، فإن كانت بكرًا فإنه يبيت عندها سبعة أيام متوالية، ثم بعد ذلك يقسم بينها وبين الأخرى أو الأخريات، هذه السبع لجدتها ولكونها بكرًا، ولأن النفس تميل إلى معاشرتها والميل إليها شيء ظاهر، أما إذا كانت ثيبًا، يعني: مطلقة من قبله وتزوجها وهي ثيب، فإنها والحال هذه يكفيها أن يبيت عندها ثلاث ليال ثم بعد ذلك يقسم، فإن اختارت أن يبيت عندها سبعًا فإنه يقضي لزوجاته، كما في حديث أم سلمة { لما تزوجها وبات عندها ثلاثًا، قال: "إنه ليس بك هوان على أهلك إن شئت سبعت لك، وإن سبعت لك سبعت لنسائي" } رواه مسلم رقم (1460) في الرضاع، قدر ما تستحقه البكر والثيب من إقامة الزوج عندها عقب الزفاف. يعني: أنه لو أقام عندها سبع ليال متوالية فإنه يسبع للمرأة الأخرى. قوله: (وقالت عائشة: { كان وسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا أراد سفرًا أقرع بين نسائه، فأيتهن خرج سهمها خرج بها } ): وهذا أيضًا من العدل لأنه لا يقدر أن يسافر بنسائه كلهن في كل سفر، لكنه يسافر بإحداهن تخدمه مثلاً وتبيت معه وتؤنسه ويؤنسها، فكان يخرج بواحدة كلما سافر إلى غزوة أو إلى عمرة أو نحوها، تقول عائشة: { كان إذا أراد السفر أقرع بين نسائه } أي: جمعهن، وعمل القرعة، ومعروف أن القرعة طريق شرعي لاستخراج المجهولات، هكذا قال العلماء، فإذا خرج سهم واحدة، يعني: إذا أصابتها القرعة فلا ظلم عليها ولا ظلم منها ولا ظلم على البواقي، وليس فيه تعمد إضرار البواقي، ولذلك يرضى كلهن بما حصل؛ لأنه لم يتعمد أن يرضي واحدة. وإذا سافر بها ومكث معها في هذا السفر شهرًا أو نصف شهر ثم رجع فإنه لا يقضي للبواقي، بل يبدأ القسم من جديد.