وطلاقهن لعدتهن فسره حديث ابن عمر، حيث طلق زوجته وهي حائض: فسأل عمر-رضي الله عنه- رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك، فقال: { مره فليراجعها، ثم ليتركها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، ثم إن شاء أمسك بعد، وإن شاء طلق قبل أن يمس، فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء } متفق عليه رواه البخاري رقم (5251) في الطلاق، ومسلم رقم (1471) في الطلاق. . وفي رواية: { مره فليراجعها، ثم ليطلقها طاهرًا أو حاملاً } أخرجه مسلم برقم (1471). . وهذا دليل على أنها لا يحل له أن يطلقها وهي حائض، أو في طهر وطئ فيه، إلا إن تبين حملها. قوله: (وطلاقهن لعدتهن فسره حديث ابن عمر، حيث طلق زوجته وهي حائض: فسأل عمر-رضي الله عنه- رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك، فقال: "مره فليراجعها... إلخ): في هذا الحديث فسر النبي -صلى الله عليه وسلم- معنى قوله تعالى في الآية السابقة: { فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ } الطلاق: 1 ؛ حيث قال صلى الله عليه وسلم: { ليطلقها طاهرا أو حاملا } يعني: تطلقها في طهر لم تجامعها فيه، فإذا أراد الطلاق للعدة فلا يطلقها وهي حائض، ولا يطلقها في طهر قد جامعها فيه قبل أن يتبين حملها فإن هذا طلاق البدعة ولعل الحكمة في ذلك التقليل من الطلاق، فإنه مثلا إذا أراد أن يطلق امرأته ثم جامعها، قيل له: لا تطلقها في هذا الطهر الذي قد جامعتها فيه، اصبر حتى تحيض ثم تطهر فإذا جاءتها الحيضة وطهرت من الحيضة، قيل له: طلقها، فقال: نفسي تتعلق بها فيمتنع حتى يطأها، فإذا وطئها قيل له: الآن لا يجوز لك أن تطلقها في هذا الطهر الذي وطئتها فيه، فاصبر حتى تحيض مرة ثانية ثم تطهر، فإذا صبر ثم جاءتها الحيضة الثالثة، قيل له: لا تطلق في الحيضة، فإذا طهرت منها تبعتها نفسه وأراد أن يطأها؛ لأنه صبر عنها هذه المدة؛ فيكون ذلك سببًا في تقليل الطلاق؛ لأنها لا تطلق وهي حائض، ولا تطلق في طهر قد وطئها فيه قبل أن يتبين حملها. وفي هذا الحديث- حديث ابن عمر- { أنه طلق امرأته وهي حائض، فسأل عمر-رضي الله عنه- رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك، فقال صلى الله عليه وسلم: "مره فليراجعها، ثم ليتركها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر } إلخ الحديث ". فقوله صلى الله عليه وسلم: "مره فليراجعها!: يستدل به على أن الطلاق في الحيض يقع؛ وذلك لأن المراجعة لا تكون إلا من طلاق صحيح، وورد ذلك أيضًا في رواية صريحة قال نافع: وحسبت عليه طلقة، أي: حسبت تلك الطلقة التي طلقها وهي حائض تطليقة، وأمره بأن يراجعها في حيضها الذي أوقع الطلاق فيه حتى تطهر من تلك الحيضة، ثم تحيض حيضة أخرى، ثم تطهر من الثانية؛ فحينئذ يطلق بعد الثانية، وبين الحيضتين يجامعها، فإذا جامعها فإنه راجعها، فلا بدّ أن تكون المراجعة بالوطء، كأنه قال: يراجعها ويجامعها بعد الحيضة التي طلقها وهي فيها، فلا بد أن يجامعها بين الحيضتين ثم يصبر عنها. فهو طلقها وهي حائض فقيل له: راجعها في هذه الحيضة؛ أي: أرجعها إلى عصمتك حتى تطهر من هذه الحيضة، فإذا طهرت فإن المراجعة تكون من تمامها الوطء، فعليك أن تطأها وتستمتع بها بين الحيضتين، فإما أن تحبل من هذا الوطء وإما ألا تحبل وتحيض الحيضة الثانية، فإذا حاضت الحيضة الثانية فإنك تمسكها حتى تطهر، فإذا طهرت طلقها قبل أن تمسها، هكذا قال. فأخذوا من هذا أن الطلاق لا يجوز في حالة الحيض، ولكنه يقع، ولا يجوز في طهر قد جامعها فيه، ولكنه يقع أيضًا على القول الصحيح من أقوال العلماء. وذهب شيخ الإسلام وابن القيم ويفتي بذلك شيخنا الشيخ ابن باز إلى أن الطلاق في الحيض لا يحسب، وكذلك الطلاق في طهر قد وطئها فيه لا يحسب، ولكن الأئمة الأربعة وأتباعهم غالبًا يرون أنه يحسب ولو كان بدعة، والأدلة على ذلك مذكورة في كتب الفقهاء. ف طلاق السنة إذن أن يطلقها بعد أن يتبين حملها، أو يطلقها في طهر لم يجامعها فيه، أو يطلقها وهي آيسة قد بلغت سن اليأس؛ بحيث إنها لا تحبل فمثل هذه تطلق في كل حين، وذلك لأنه لا يأتيها حيض ولا حمل، فلو قلنا: لا تطلقها قال: إلى متى؛ لأنه انقطع الحيض وانقطع الحمل عنها فيطلقها متى شاء؛ لأن الآيسة من الحيض لا سنة لها ولا بدعة، وهذا دليل على أنه لا يحل أن يطلقها وهي حائض أو في طهر وطئها فيه إلا أن يتبين حملها. |