ويقع الطلاق بكل لفظ دل عليه من: صريح، لا يفهم منه سوى الطلاق كلفظ: " الطلاق "، وما تصرف منه، وما كان مثله. وكناية، إذا نوى بها الطلاق، أو دلت القرينة على ذلك. قوله: (ويقع الطلاق بكل لفظ دل عليه من: صريح، لا يفهم منه سوى الطلاق، كلفظ: (الطلاق "، وما تصرف منه، وما كان مثله، وكناية، إذا نوى بها الطلاق، أو دلت القرينة على ذلك): يعني: ذكروا أن الطلاق على قسمين: صريح وكناية * فصريحه هو: اللفظ الظاهر الذي لا يحتمل غيره، فإذا قال: هي طالق فإنها تطلق، ولو ادعى أنه لا يريد الطلاق، نقول: أنت تلفظت بلفظة صريحة في الفراق وهي كلمة الطلاق. فإذا قال: أنت طالق، أو أنت مطلقة، أو قد طلقتك، أو هي مطلقة مني، أو طلقتها، أو نحو ذلك؛ فهذا اللفظ صريح لا يحتمل الخطأ، قد يقول: إنني نويت طلاقها من العقال إذا كانت مثلا مقيدة أو مربوطة، فقال: أنت طالق، يعني: من هذا الخيط، أو من هذا الحبل، أو من هذا الوثاق، نقول: إن هذا نادر، والنادر لا حكم له. صحيح أنه يقال مثلا: هذه الناقة طالق، يعني: مطلقة ليست مربوطة ولا موثوقة ولا مقيدة ولامعقولة، لكن في حق المرأة لا يقال لها: طالق إلا إذا كان المقصود به فسخ عقد الزواج، فهذا اللفظ صريح. ولو ادعى الخطأ فعليه أن يبين، فلو قال مثلا: إنني أردت أن أقول أنت طاهر فأخطأ لساني وقلت: أنت طالق، فالأصل أنه لا يقبل عذرة وتحسب عليه طلقة، لكن إذا لم يسأل أهل العلم؛ بل ترك الأمر بينه وبين ربه فهو على ما نوى. ومن الألفاظ الصريحة أيضا لفظ التسريح، قال الله تعالى: { أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ } البقرة: 231 فإذا قال: أنت مسرحة، أو سرحتك، أو اسرحي، أو سرحت امرأتي، فهذا أيضا طلاق؛ وذلك لأنه يستعمل في القرآن فلا يقبل منه الاعتذار، إذا قال: إني ما قصدت الطلاق، إلا إذا كان هناك قرينة تدل على مقصده فيمكن أن يقبل قوله، كأن قال لها: اسرحي مع الدواب، أو: سرحتها بالدواب، أي: ترعى الأغنام مثلا، أو هي: مسرحة مع الدواب أو الأغنام، فأما إذا لم يكن هناك قرينة فإنه يقع الطلاق. كذلك لفظ الفراق يستعمل في القرآن كما في قوله تعالى: { فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ } الطلاق: 2 فلفظ الفراق أيضًا صريح ، فإذا قال: فارقتها، أو هذا فراق بيني وبينها، أو قد فرقت ما بيني وبينها، أو فارقيني، أو نحو ذلك، وعرف أن قصده الطلاق، فإن هذا صريح يقع به الطلاق. فهذه الألفاظ: الطلاق والفراق والتسريح من الألفاظ الصريحة. * أما الكناية: فإنها ألفاظ تستعمل على أنه يريد بها شيئًا قد يكون طلاقًا وقد لا يكون طلاقًا، فإذا قال مثلاً: اخرجي، اذهبي، ذوقي، تجرعي، لست لي بامرأة، خليت سبيلك، أو مثلا حبلك على غاربك، أو اطلبي غيري، اطلبي رزقك، انتهى ما بيننا، انتهى حظك ونصيبك مني، أو ما أشبه ذلك، هذه الكلمات يظهر منها أنه يريد طلاقًا، ولكن قد يكون في بعضها شيء يدل على أنه لم يكن قاصدًا الطلاق؛ بل الزجر والتأديب ونحوه، فإذا قال مثلا: اذهبي، فقد يقول: ما قصدت الذهاب مطلقًا، أردت أن تذهب إلى أهلها ذهابًا مؤقتًا، فإن العمل على ما في قلبه وهو مصدق، أما إذا كانت نيته الطلاق فإنه يقع؛ لأن العمل على ما في قلبه، أو قال مثلا: ذوقي، تجرعي؛ فمثل هذه الكلمات تستعمل في التأديب، كأن يقول مثلا: ذوقي الآلام أو تجرعي الغصص أو ما أشبه ذلك. أما إذا قال: اخرجي، اذهبي، فمثل الخروج ليس خروجًا دائمًا مطلقًا، قد يقول: اخرجي خروجًا مؤقتًا، فلا يحصل بذلك طلاق، ويكون بذلك على نيته. فالحاصل أن للطلاق كلامًا صريحًا وكلاما غير صريح مثل: اخرجي، واذهبي، وذوقي، وتجرعي، ولست لي بامرأة، وحبلك على غاربك، وما أشبه ذلك. |