وعقد النذر مكروه وقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن النذر، وقال: { إنه لا يأتي بخير، وإنما يستخرج به من البخيل } متفق عليه رواه البخاري رقم (6608) في القدر، (6692، 6693) في الأيمان والنذور، ومسلم رقم (1639) في النذر. . فإذا عقده على برٍّ: وجب عليه الوفاء به؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: { من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه } متفق عليه رواه البخاري رقم (6700) في الأيمان والنذور، ولم أجده في مسلم كما ذكر الشيخ ابن سعدي رحمه الله. . وإن كان النذر مباحًا، أو جاريًا مجرى اليمين- كنذر اللجاج والغضب- أو كان نذر معصية لم يجب الوفاء به، وفيه كفارة يمين إذا لم يوف به، ويحرم الوفاء به في المعصية. ثانيا: النذور: النذر هو: إلزام المكلف نفسه لله تعالى ما ليس واجبًا عليه، فخرج بقولنا: " المكلف " السفيه والمجنون، وخرج بقولنا: "ما ليس واجبًا عليه " ما يجب عليه، فإذا قال مثلا: لله علي أن أصوم رمضان، قلنا له: أنت ملزم به؛ لأنه واجب عليك بلا نذر، أو قال: لله علي أن أصلي الصلوات الخمس، فلا يسمى هذا نذرًا؛ لأن الصلاة واجبة وملزم بها. أما إذا ألزم نفسه بشيء من النوافل فإنه يلزمه، فإذا قال مثلا: لله علي أن أصوم في هذا الشهر ثلاثًا أصبح لازمًا عليه. أو قال: لله علي أن أعتكف في هذا المسجد غدًا، فإنه يلزمه، إلا أنه يجوز أن يعتكف في مسجد آخر. أو قال: لله علي أن أصلي في هذا اليوم عشر ركعات تطوعا لله، أو قال: لله علي أن أتصدق في هذا اليوم بمائة على المساكين، فهذا نذر يجب الوفاء به. قوله: (وعقد النذر مكروه، وقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن النذر، وقال: { إنه لا يأتي بخير، وإنما } إلخ): يعني: أنه لا يغير القدر، ولا يغير شيئًا مما في علم الله تعالى، ولا يقرب البعيد، ولا يبعد القريب؛ بل المكتوب حاصل، فالذي يقول مثلا: لله علي إن شفيت من هذا المرض أن أعتق عبدًا أو أن أتصدق بمائة أو بألف، نقول له: تصدق ولا تنذر. فالشفاء إن كان مقدرًا فليس نذرك هو الذي يصير سببًا في شفائك، أو قال مثلا: لله علي إن نجحت أن أتصدق بمائة مثلاً، أو أن أصوم يومًا، أو نحو ذلك، فليس النذر هو الذي سبب نجاحك، وهذا معنى قوله: "يستخرج به من البخيل "، كأنه بخيل لولا أنه نذر ما صام ولا تصدق ولا أعطى. قوله: (فإذا عقده على برّ: وجب عليه الوفاء به؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: { من نذر أن يطيع الله فليطعه } الخ): كأن ينذر صلاة فيجب الوفاء به، أو صيامًا فيجب الوفاء به، أو صدقة فيجب الوفاء به، لقوله صلى الله عليه وسلم: { من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه } . قوله: (وإن كان النذر مباحًا أو جاريًا مجرى اليمين- كنذر اللجاج والغضب-): يعني: ففيه الكفارة. ونذر المباح كأن يقول: لله علي إن نجحت أن أشتري ثوبًا بمائة مثلاً، فهذا يعتبر من النذر المباح. وكذلك لو قال: لله علي أن أستأجر بيتًا بعشرين ألفًا، أو أن أشتري سيارة بثلاثين ألفًا، وهكذا لو قال: إن ربحت في هذه التجارة فسوف آكل لحم سمك مثلاً، فهذا كله يعتبر من النذر المباح، وله الخيار، إما أن يفعله وإما أن يكفر كفارة يمين، فإذا وفى به فلا شيء عليه. وكذلك نذر اللجاج والغضب، فإذا حصل مثلاً بينه وبين أهله خصومة، أو بينه وبين امرأته، أو نحو ذلك، فيقول مثلا لشدة الغضب: إن دخلت هذا البيت فعلي صيام الدهر أو نحو ذلك، فهذا لم يقصد بذلك برًّا ولا طاعة ولكن لشدة الغضب قال ما قال ، فيكفي لذلك كفارة يمين، ونذر اللجاج والغضب إذا وفَّى به فلا شيء عليه كالنذر المباح. قوله: (أو كان نذر معصية: لم يجب الوفاء به، وفيه كفارة... إلخ): وكذلك نذر المعصية لا يجوز الوفاء به وهو محرم، فإذا قال مثلا: لله علي إن نجحت أن أشرب الخمر، أو أن أقتل فلانًا البريء، أو أن أتعامل بالربا، أو نحو ذلك، فهذا حرام لا يجوز الوفاء به، لقوله صلى الله عليه وسلم: { ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه } وفيه كفارة يمين إذا لم يوف به، ويحرم الوفاء به بالمعصية. |