ويشترط في وجوب القصاص: كون القاتل مكلفًا، والمقتول معصومًا، ومكافئًا للجاني في الإسلام، والرق والحرية، فلا يقتل المسلم بالكافر، ولا الحر بالعبد، وألا يكون والدًا للمقتول، فلا يقتل الأبوان بالولد. ولا بد من اتفاق الأولياء المكلفين، والأمن من التعدي في الاستيفاء. قوله: (ويشترط في وجوب القصاص كون القاتل مكلفا): لما انتهى من الدية انتقل إلى القصاص. والقصاص هو: أن يقتل القاتل بمن قتله فلا بد أن يكون القاتل مكلفًا، فإذا كان القاتل مجنونًا أو صبيًّا فلا قصاص عليه، وإنما فيه الدية. قوله: (والمقتول معصوما): أي: معصوم الدم، فإذا كان المقتول حربيًّا وقتله فلا قصاص، أو قاطع طريق وقتله لقطع طريق، أو زانيًا محصنًا قتله فليس بمعصوم. قوله: (ومكافئا للجاني في الإسلام، والرق والحرية... إلخ): لا بد من المكافأة للجاني في الإسلام والرق والحرية، فلا يقتل المسلم بالكافر؛ لأنه ليس كفئا له، ولو كان ذميًّا ولو كان معاهدًا ولو كان مستأمنًا، فإذا قتل مسلم أحدَ الكفار ففيه الدية والكفارة، وليس فيه قصاص؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- في حديث علي: { وألا يقتل مسلم بكافر } رواه البخاري برقم (111، 6915)، وأحمد (1 / 79) برقم (599)، والترمذي كما في تحفة الأحوذي (4 / 668 )، والنسائي (8 / 23)، وابن ماجه (2658)، وغيرهم مختصرًا ومطولا [قاله الشيخ ابن جبرين]. . وكذلك لا يقتل الحر بالعبد؛ وذلك لأن العبد متقوم ففيه قيمته، فإذا قتل العبد فإن سيده يطالب بالقيمة، لكن يجوز قتل القاتل تعزيرًا وعقوبة. قوله: (وألا يكون والدا للمقتول... إلخ). يعني: لا قصاص ولا قتل لوالده الذي قتله ولو عمدًا. وقد ورد في قصة قتادة المدلجي أنه قتل ولده ولم يرثه ولم يقتله عمر به، وكذلك الأم والجد والجدة لا يقتل كل منهم بولده أو بولد ولده؛ لهذا الحديث "ولا يقتل والد بولده" رواه الترمذي رقم (1400) من حديث عمر بن الخطاب قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "لا يقاد الوالد بالولد" ورقم (1401) من حديث ابن عباس بلفظ "... ولا يقتل الوالد بالولد" ورواه ابن ماجه رقم (2661)، (2662) في الديات، وصححه الألباني في الإرواء رقم (2214)، وذكره الزركشي تحت الرقم (2924- 2926). . قوله: (ولا بد من اتفاق الأولياء المكلفين): فإذا كان أولياء المقتول خمسة رجال وخمس نساء، إحداهن قالت: أنا قد عفوت عن نصيبي لا أريد القصاص؛ سقط القصاص، ولو لم يكن لها إلا سهم من خمسة عشر سهمًا، أو قالت: أنا أريد حقي من الدية؛ سقط القصاص. أما إذا اتفقوا كلهم رجالهم ونساؤهم على طلب القصاص، فإنه يقتص منه. قوله: (والأمن من التعدي في الاستيفاء): فإذا كان القاتل امرأة حاملاً فلا تقتل حتى تضع؛ لأن في قتلها تعديًا على الجنين، والجنين ليس له ذنب فتترك حتى تلد. وكذلك القصاص في الأطراف كما في قوله تعالى: { وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ } إلخ المائدة: 45 فلو حكم بقطع يده أو أنفه ونحو ذلك وكان في ذلك تعريض له للهلاك وفيه خطر على نفسه فلا تقطع يده أو رجله أو أنفه إلا بعد الأمن من التعدي. |