جاءت الآداب الإسلامية لإثبات المودة وإفشاء السلام مثل قوله صلى الله عليه وسلم: { لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابّوا، ألا أدّلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم } فجعل إفشاء السلام سببا للمحبة، وجعل المحبة سببا لدخول الجنة: لا تدخلوا الجنة حتى تحابوا ومعناه: إذا كنتم متباغضين، متقاطعين كل منكم يخذل الآخر ويبغضه، ولا يبين له خطأه، فإن عاقبتهم الهلاك المحقق. ولا شك أن هذا من أسباب العذاب، بخلاف ما إذا تحاببنا وزالت البغضاء من قلوبنا، وأصبحنا إخوة متحابين في ذات الله تعالى، يحب بعضنا بعضا ، ونعمل بالأسباب التي تثبت هذه المحبة؛ كتبادل الزيارات، والنصائح، وتبادل أسباب المودة وإفشاء السلام وأشباهها. وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحث أيضا على الأسباب التي تثبت هذه المحبة والمودة، والتي تُبْعدُ عن ضدها، كقوله - صلى الله عليه وسلم - لما سألوه عن حق الطريق، قال: { حق الطريق غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر } وقال صلى الله عليه وسلم: { للمسلم على المسلم ست بالمعروف تسلم عليه إذا لقيته، وتجيبه إذا دعاك، وتشمته إذا عطس، وتعوده إذا مرض، وتتبع جنازته إذا مات، وتحب له ما تحب لنفسك } . وكذا لو تأملنا النواهي التي نهى عنها النبي - صلى الله عليه وسلم - أمته، لعرفنا الحكمة فيها، لكونها تسبب بغضا وحقدا فقوله صلى الله عليه وسلم: { لا يبَع أحدكم على بيع أخيه } وقوله صلى الله عليه وسلم: { لا يخطب بعضكم على خطبة أخيه } وغيرها من نواهيه صلى الله عليه وسلم، مثل النهي عن الغش في المعاملات، وبيع الغرر، وبيع الأشياء المجهولة والخفية، أو بيع ما لم يقسم، إنما هي قطع لمادة العداوة والبغضاء، والحقد والشحناء بين المسلمين. فالمشتري مثلا يسيء الظن فيمن خدعه، ومن غشه أو باع على بيعه فتحدث من هذا العداوة والشنآن بينه وبين البائع وذلك كله منافٍ لحكمة الألفة والأخوة والمودة التي دعانا إليها الإسلام. |