يوم العيد هو يوم فرح للمسلمين وسرور لهم، ففيه يتجملون ويلبسون أحسن الثياب، وفيه يتزاورون ويتبادلون التهاني والتبريك بهذا اليوم المبارك، ويدعون ربهم أن يعيد عليهم من بركاته، وأن يعود عليهم مرات بعد مرات، وهم في غاية النصر والتمكين والهناء، والعيش الرغيد والحياة السعيدة، وفيه يعودون المرضى ويتواصلون الأرحام، ويجتمع الأقارب ويتلاقون بعد طول الغيبة. ويجوز فيه إظهار شيء من الفرح والمرح واللهو المباح، ففي الصحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت: { دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعندي جاريتان من جواري الأنصار تغنيان بما تقاولت الأنصار يوم بعاث وليستا بمغنيتين، فاضطجع على الفراش وحوَّل وجهه، ودخل أبو بكر فانتهرني، وقال: أمزامير الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك في يوم عيد، فأقبل عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: دعهما يا أبا بكر، إن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا } أخرجه البخاري برقم (949). في العيدين، باب: "الحراب والدرق يوم العيد"، ومسلم برقم (892) في صلاة العيدين، باب: "الرخصة في اللعب الذي لا معصية فيه في أيام العيد". قال البغوي في شرح السنة (4/322): بعاث يوم مشهور من أيام العرب، كانت فيه مقتلة عظيمة للأوس والخزرج، وبقيت الحرب بينهما مائة وعشرون سنة، إلى أن قام الإسلام، وكان الشعر الذي تغنيان به في وصف الحرب والشجاعة وفي ذكره معونة لأمر الدين. فأما الغناء بذكر الفواحش، والابتهار بالحرم، والمجاهرة بالمنكر من القول، فهو المحظور من الغناء، وحاشاه أن يجري شيء منه ذلك بحضرته عليه الصلاة والسلام، فيغفل النكير له. وقوله: "هذا عيدنا" يعتذر به عنها أن إظهار السرور في العيدين شعار الدين، وليس هو لسائر الأيام. ا.هـ. وقال الحافظ ابن حجر في الفتح: (2/514): وفي هذا الحديث من الفوائد: مشروعية التوسعة على العيال في أيام الأعياد بأنواع ما يحصل لهم بسط النفس، وترويج البدن من كلف العبادة ا.هـ. . فدل على أنه يباح لمثل عائشة سماع شيء من الشعر الذي فيه ترويح عن النفس وجلب للفرح والانبساط إذا لم يكن فيه شيء من التمطيط والتكسير والتهييج بما يثير الغرائز ويدفع إلى اقتراف الفواحش، ولهذا قالت: { وليستا بمغنيتين } أي ليستا ممن يعرف الغناء الذي يحرك الساكن ويبعث الكامن، كالذي فيه وصف الخدود والقدود والخمر ونحو ذلك. وفي الصحيح أيضا عنها قالت: { وكان يوم عيد يلعب السودان بالدرق والحراب فقال صلى الله عليه وسلم: تشتهين تنظرين فقلت: نعم، فأقامني وراءه خدي على خده، وهويقول: دونكم يا بني أرفدة، حتى إذا مللت قال: حسبك ، قلت: نعم، قال: فاذهبي قالت: فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن الحريصة على اللهو } رواه البخاري في عدة مواضع أخرجه البخاري برقم (950) في العيدين، باب: "الحراب والدرق يوم العيد". ومسلم برقم (892)-19 في صلاة العيدين، باب: "الرخصة في اللعب، الذي لا معصية فيه في أيام العيد". . وهو دليل على جواز اللعب بالسلاح على طريق التواثب للتدرب على الحرب والتنشيط عليه، لما فيه من تمرين الأيدي على آلات الحرب، وفيه أن للعيد خصوصية بمثل هذا التدرب والتمرن على آلات الحرب وتعلم كيفية حملها. |