لا خلاف أنها صلاة معتادة، يشترط لها الطهارة وسائر شروط الصلاة، إلا أنها لا يؤذن لها ولا يقام لحديث جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العيدين غير مرة، ولا مرتين، بغير أذان ولا إقامة. أخرجه مسلم برقم (887). وعن ابن عباس وجابر رضي الله عنهما، قالا: لم يكن يؤذن يوم الفظر ولا يوم الأضحى أخرجه البخاري برقم (960) ومسلم برقم (886). بل يكتفى بمعرفة وقتها، وهو بعد خروج وقت النهي، أي بعد ارتفاع الشمس قيد رمح، ويخرج بزوال الشمس، فإن لم يعلموا بالعيد إلا بعد وقتها صلوها من الغد قضاء قال موفق الدين في المغني "المغني مع الشرح الكبير (2/252).": إذا لم يعلم بيوم العيد إلا بعد زوال الشمس خرج من الغد فصلي بهم العيد وهذا قول الأوزعي والثورى وإسحاق وابن المنذر وصوبه الخطابي وحكي عن أبي حنيفة أنها لا تقضى. وقال الشافعي: إن علم بعد غروب الشمس كقولنا، وإن علم بعد الزوال لم يصل لأنها صلاة شرع لها الاجتماع والخطبة فلا تقضي بعد فوات وقتها كصلاة الجمعة، وإنما يصليها إذا علم بعد غروب الشمس؛ لأن العيد هو الغد لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "فطركم يوم تفطرون، وأضحاكم يوم تضحون، وعرفتكم يوم تعرفون" "أخرجه أبو داود برقم (2324)، والبيهقي (3/217-4/252-5/175، 176) والدارقطني (2/163، 224)، وانظر تلخيص الحبير لابن حجر (2/256)." ا.هـ. ولنا ما روى أبو عمير بن أنس عن عمومة له من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ركبا جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فشهدوا أنهم رأوا الهلال بالأمس فأمرهم أن يفطروا، فإذا أصبحوا أن يغدوا إلى مصلاهم "أخرجه أبو داود برقم (1157) واللفظ له. والنسائي برقم (1556) بنحوه وابن ماجة برقم (1653) بلفظ مطول." رواه أبو داود. وقال الخطابي: سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى، وحديث ابن عمير صحيح فالمصير إليه واجب، ولأنها صلاة مؤقتة فلا تسقط بفوات الوقت كسائر الفرائض وقياسهم على الجمعة لا يصح لأنها معدول بها عن الظهر بشرائط منها الوقت، فإذا فات واحد منها رجع إلى الأصل. ا.هـ. . ولا خلاف أن صلاة العيد ركعتان، إلا أنه يفتتح الأولى بسبع تكبيرات، يجب التنبيه إلى أن تكبيرة الإحرام غير داخلة في هذه التكبيرات فهي سبع تكبيرات غير تكبيرة الإحرام لأن تكبيرة الإحرام ركن لا تنعقد الصلاة إلا بها فهي افتتاح الصلاة لذا فهي لا تحسب، ثم يأتي بعدها بسبع تكبيرات كما ذكر الشيخ حفظه الله. والثانية بخمس تكبيرات غير تكبيرة القيام، ويرفع يديه مع كل تكبيرة، ويقول بين كل تكبيرتين من الزوائد: (الله أكبر كبيرا ، والحمد لله كثيرا ، وسبحان الله بكرة وأصيلا ، وصلى الله على محمد النبي الأمي وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا )،وإن أحب قال: (سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر). ويقرأ بعد التكبيرات بالفاتحة وسورة، والمستحب أن يقرأ بسبح والغاشية، أو يقرأ بقاف واقتربت الساعة، ويجهر بالقراءة، وإذا سلم خطب خطبتين يجلس بينهما كما في الجمعة، يحثهم في الفطر على صدقة الفطر وعلى العمل في ذلك، ويبين لهم في الأضحى أحكام الأضحية وسنتها. وفي الصحيح عن البراء أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطب فقال: { إن أول ما نبدأ من يومنا هذا أن نصلي، ثم نرجع فننحر، فمن فعل فقد أصاب سنتنا } أخرجه البخاري برقم (951) في العيدين، باب: "سنة العيدين لأهل الإسلام (الدعاء في العيد)". وفي حديث أنس { من ذبح قبل الصلاة فليعد } أخرجه البخاري برقم (954) في العيدين، باب: "الأكل يوم النحر". وفي حديث البراء { من صلى صلاتنا ونسك نسكنا فقد أصاب النسك، ومن نسك قبل الصلاة فلا نسك له } أخرجه البخاري برقم (965) في العيدين، باب: "الخطبة بعد العيد". والنسك هو: ذبح الأضحية. وفي حديث أبي سعيد عند البخاري { كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى، فأول شيء يبدأ به الصلاة، ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس، والناس جلوس على صفوفهم، فيعظهم ويوصيهم ويأمرهم، فإن كان يريد أن يقطع بعثا قطعه، أو يأمر بشيء أمر به، ثم ينصرف } . ولم يكن يصلي قبل صلاة العيد في موضعها لا قبلها ولا بعدها لحديث ابن عباس رضي الله عنهما: "أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوم الفطر فصلى ركعتين لم يصل قبلها، ولا بعدها ومعه بلال" أخرجه البخاري برقم (989). لكن إن صليت في المسجد الجامع جاز أن يصلي قبلها ركعتين كتحية للمسجد، لكن السنة الصلاة خارج البلد. ولم يتخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - منبرا في مصلى العيد، وإنما كان يخرج بالحربة فتركز قدامه كسترة، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت تركز الحربة قدامة يوم الفطر والنحر، ثم يصلي" أخرجه البخاري برقم (972). وعن ابن عمر أيضا قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يغدو إلى المصلى والعنزة بين يديه تحمل وتنصب بالمصلى بين يديه، فيصلي إليها" أخرجه البخاري برقم (973). ويشرع لمن فاتته أن يقضيها، فقد ذكر البخاري عن أنس { أنه أمر مولاه فجمع أهله وبنيه وصلى بهم كصلاة أهل المصر وتكبيرهم } وقال عطاء إذا فاته العيد صلى ركعتين. انظر صحيح البخاري كتاب العيدين، باب: "إذا فاته العيد يصلي ركعتين". قال الحافظ في الفتح "فتح الباري لابن حجر (2/550)." معلقا على تبويب البخاري: في هذه الترجمة حكمان: مشروعية استدراك صلاة العيد إذا فاتت مع الجماعة، سواء كانت بالاضطرار أو بالاختيار، وكونها تقضى ركعتين كأصلها. ا.هـ. وقال موفق الدين ابن قدامة "المغني مع الشرح الكبير (2/250، 251).": من فاتته صلاة العيد فلا قضاء عليه؛ لأنها فرض كفاية، وقد قام بها من حصلت الكفاية به، فإن أحب قضائها فهو مخير، إن شاء صلاها أربعا وإن شاء أن يصلي ركعتين كصلاة التطوع... ثم قال: وإن شاء صلاها على صفة صلاة العيد بتكبير... ثم قال: وهو مخير إن شاء صلاها وحده وإن شاء في جماعة. ا.هـ. |