الغريب

أقسام الآحاد : اهتم المحدثون بطرق الأحاديث للتأكد من صحتها، وبعد أن تتبعوها ألفوا منها ماله طريق واحد، وماله أكثر، وما هو متصل بالرواة، وما فيه سقط، وما في رواته ضعف، وما هو فوق ذلك، فاضطروا أن يضعوا لكل نوع اسما اصطلاحيا ، نقلوه من المعنى اللغوي، إلى أقرب ما يشابهه من علوم الحديث. وقد قسم المحدثون الآحاد إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول: الغريب القسم الثاني: العزيز. القسم الثالث: المشهور ذكره الحافظ بن حجر في نخبة الفكر وشرحها ص 26، والسيوطي في تدريب الراوي 2/180. . وقد أشرنا سابقا إلى أن هذا التقسيم وسابقه لم يكن معروفا بين الصحابة والتابعين الذين لم يكونوا يشترطون في الرواة إلا العدالة والثقة والتثبت غالبا ؛ فيقبلونه ولو كان فردا تقدم في أقسام الخبر باعتبار وصوله إلينا. وسيجيء إن شاء الله أن كثرة الرواة ليست ملازمة لصحة الخبر دائما كما سيأتي إن شاء الله تعالى في الشروط المعتبرة في المتن. ؛ فكم ثبت حديث لم يرد إلا من طريق واحد، وكم ردت أحاديث تناقلها الكثير من الرواة. وإليك كلمات موجزة في تعريف أقسام الآحاد المشار إليها. القسم الأول : الغريب: وهو ما لم يثبت إلا من طريق واحد، وقد يعبرون عنه بالفرد، وأول من اشتهر باستعماله الترمذي في جامعه، فكثيرا ما يقول: هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه أو من حديث فلان، أو تفرد به فلان وإن رواه عنه جماعة. وقد يفرقون بين الفرد والغريب في كثرة الاستعمال، فيجعلون الفرد ما كانت الغرابة في أصل سنده، وهو طرفه الذي فيه الصحابي، بأن لم يروه مثلا عن أبي هريرة إلا سعيد بن المسيب ويعنون بالغريب ما سوى ذلك من أنوع التفرد كما في نخبة الفكر وشرحها نزهة النظر ص 47 وتدريب الراوي 1/247، 2/280. . ومثال الغريب حديث علي عن أبي بكر مرفوعا : { ما من رجل يذنب ذنبا فيتوضأ ثم يصلي ركعتين فيستغفر إلا غفر له } رواه أحمد وأهل السنن، والحميدي وابن المديني وابن أبي شيبة وابن حبان والدارقطني عن عثمان بن المغيرة عن علي بن ربيعة عن أسماء بن الحكم عن علي عن أبي بكر هو في مسند أحمد 1/2، والحميدي 1، 4، وسنن أبي داود 1521، والترمذي 404 وابن ماجة 1395، ومصنف ابن أبي شيبة 2/387، وابن حبان 1395، وتكلم عليه الحافظ بن حجر في تهذيب التهذيب في ترجمة أسماء بن الحكم. . ثم إن الغالب على الغرائب أن تكون ضعيفة، وهذا ما سبب كراهة السلف لرواية الغريب، والحكم عليه بالنكارة، وقد يوجد فيها ما هو حسن، وما هو صحيح، كالأفراد التي في الصحيحين وغيرها.