6- ومنها قولهم لو أفاد خبر الواحد العلم لما تعارض خبران ونحن نرى الكثير من الأخبار تتعارض، فإن قيل بإفادة الجميع العلم حصل اجتماع الضدين وهو محال، وإن قيل بإفادة أحدهما كان ترجيحا بلا مرجح. . وهذا يحقق أن أحدهما لا بعينه كذب ، فيوجب التوقف في كل خبر. فيقال: إن هذا مجرد فرض لما لا يمكن وقوعه، كما لا يحصل ذلك بين متواترين، ولا بين خبرين تحتف بكل منهما القرائن المنفصلة. ثم إذا حصل العلم اليقيني بالخبر فلا بد من خطأ كل خبر يعارضه المعارضة التامة. ثم إن ما يوجد من الحديث الصحيح ظاهره التعارض يمكن حمل كل من المتعارضين على وجه صحيح. ولقد تكفل العلماء بالسنة بالجمع بين الأحاديث التي ظاهرها التناقض، فخرجوا كل حديث على معنى محتمل، كما فعل ابن قتيبة في ( تأويل مختلف الحديث ) وكذا ابن القيم وشيخه ابن تيمية في مؤلفاتهما . وقد ذكرنا في المقدمة الجمع بين النهي عن كتابة الحديث بقوله: { لا تكتبوا عني شيئا غير القرآن } مع الإذن فيها بقوله: { اكتبوا لأبي شاة } ونحوه وما لا يمكن الجمع بينهما حمل على التوسعة، وجواز الأمرين، كصفات صلاة الخوف ، وألفاظ التشهد، أو على الخصوص كإذنه صلى الله عليه وسلم لامرأة أبي حذيفة أن ترضع سالما مولاهم، وهو رجل، لتصير أما له في المحرمية، مع قوله: { إنما الرضاعة من المجاعة } وكلا الحديثين في الصحيحين فقصة سالم مولى أبي حذيفة رواها البخاري 9/113 في النكاح ومسلم برقم 1453 في الرضاع عن عائشة رضي الله عنها والحديث الثاني عند البخاري 9/126 في النكاح، ومسلم رقم 1455 في الرضاع عن عائشة رضي الله عنها. . وقد يحمل على أن المتقدم من الحديثين منسوخ عند معرفة المتأخر كحديث: { الماء من الماء } مع حديث: { إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل } الأول رواه البخاري 1/247 في الوضوء، ومسلم برقم 343 في الحيض عن أبي سعيد رضي الله عنه، والثاني رواه البخاري 1/337 في الغسل، ومسلم برقم 348، في الحيض عن أبي هريرة رضي الله عنه وفي الباب أحاديث كثيرة بهذا المعنى. المتأخر عن الأول. وما لا يمكن تخريجه على شيء من ذلك يحمل على خطأ بعض الرواة، لمخالفته رواية الأكثرين، وهو ما يسمى شاذا ، وقد سبق ذكره، وذلك كما روي في صلاة الكسوف بأكثر من ركوعين في كل ركعة ونحوه عند بعضهم. |