محمد - صلى الله عليه وسلم - خاتم الأنبياء وشريعته خاتمة الشرائع

وقد أرسل الله محمد - صلى الله عليه وسلم - خاتم الأنبياء وشريعته خاتمة الشرائع كما في قوله تعالى: (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شيء عليما) [سورة الأحزاب، الآية:40]. ثم أن الله تعالى أكمل لنا هذا الدين ورضيه لنا، قال تعالى (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) [سورة المائدة، الآية:3]. ثم بين سبحانه وتعالى أن من اتخذ دينًا غير دين الإسلام فإنه لا يقبل منه كما قال تعالى: (ومن يبتغ غير الإسلام دينًا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين) [سورة آل عمران، الآية:85]. ، ونسخ برسالته جميع الأديان، وكلَّف جميع الناس أن يتبعوه بقوله: { الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } وقوله: { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- { وكان النبي يُبعث إلى قومه خاصة وبُعثت إلى الناس عامة } أخرجه البخاري برقم (335) في التيمم، باب: (1)، وأخرجه أيضا برقم (438) و(3122). وأخرجه مسلم برقم (521) في المساجد. من حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي المغانم ولم وتحل لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة" وهذا لفظ البخاري. وقال: { بٌعثت إلى الأسود والأحمر } أخرجه مسلم برقم (521) في المساجد من حديث جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي كان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى كل أحمر وأسود، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي، وجعلت لي الأرض طيبة طهورا ومسجدا، فأيما رجل أدركته الصلاة صلى حيث كان، ونصرت بالرعب بين يدي مسيرة شهر، وأعطيت الشفاعة". . وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: { أُمرت أن أُقاتل الناس حتى يشهدوا أَن لا إله إلا الله وأنِّي رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم } أخرجه البخاري برقم (25) في الإيمان، باب: (فإن تابوا وأقاموا الصلاة...). ومسلم برقم (22) في الإيمان، باب: "الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله..." من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه. وأخرجه البخاري برقم (1399) في الزكاة، باب: (وجوب الزكاة). وأخرجه أيضا برقم (1400) و(1456) و(6924) و(6925) و(7284) و(7285). وأخرجه مسلم برقم (20) و(21) 34/35. في الإيمان، باب: "الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله...". من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. . وفي رواية: { حتى يقولوا لا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به } أخرجه مسلم برقم (21). في الإيمان، باب: "الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله...". من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وأخبر - صلى الله عليه وسلم - بأركان الإسلام بقوله: { بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت } أخرجه البخاري برقم (8) في الإيمان، باب: "دعاؤكم إيمانكم" وأخرجه أيضا برقم (1415). ومسلم برقم (16)-19، 20، 21، 22. في الإيمان، باب: "بيان أركان الإسلام ودعائمه العظام" من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه. . ولا شك أن من امتنع عن الشهادة لله بالوحدانية ولمحمد بالرسالة ولم يُقم الصلاة ولا الصوم ولا الزكاة والحج فليس بمسلم ولا مؤمن؛ وقد قال عليه الصلاة والسلام: { والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بي إلاّ دخل النار } أخرجه مسلم برقم (153) في الإيمان، باب: "وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إلى جميع الناس ونسخ الملل بملته". من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار". أو كما قال. وقد أنكر الله على اليهود قولهم: لن تمسنا النار إلا أياما معدودة بقوله تعالى: { وقالوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ } فدل على أنهم من أهل النار وأن هذه المقالة صدرت بغير علم، كما أنكر عليهم قولهم: { وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } وكذا قولهم: { وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ } وهي الدين الذي بُعث به محمد -صلى الله عليه وسلم- فقال: { وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ } . وقد أخبر الله تعالى بأن هذا هو الدين الذي اختاره ورضيه للأمة فقال تعالى: { حُرِمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } وقال: { وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ } . والإسلام هو ما بني على الأركان الخمسة والإسلام هو ما بني على الأركان الخمسة كما فسره النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث جبريل المشهور أخرجه مسلم برقم (8) في الإيمان، باب: "بيان الإيمان والإسلام والإحسان.... " من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه، وقال: يا محمد! أخبرني عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت، إن استطعت إليه سبيلا" قال: صدقت. قال: فعجبنا له، يسأله ويصدقه، قال: فأخبرني عن الإيمان. قال: "أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره". قال: صدقت. قال: فأخبرني عن الإحسان. قال: "أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه، فإنه يراك" قال: فأخبرني عن الساعة. قال: "ما المسئول عنها بأعلم من السائل" قال: فأخبرني عن أمارتها. قال: "أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة، العالة، رعاء الشاء، يتطاولون قي البنيان". قال: ثم انطلق، فلبثت مليا، ثم قال لي: "يا عمر! أتدري من السائل؟ " قال: الله ورسوله أعلم. قال: "فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم". وأخرجه البخاري برقم (50) و (4777) ومسلم برقم (9) و (10) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. فمن لم يدخل في هذا الإسلام ويحافظ على أركانه فهو من الخاسرين، والنار أولى به.