الآيات في تكفير اليهود والنصارى وبيان نوع كفرهم وشركهم يعترض بعض من قل علمه على إطلاق لفظ المشرك على اليهود والنصارى ولتجلية هذه المسألة فقد عرض على فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين السؤال التالي: يزعم البعض أن لفظ المشرك لا يصح أن يطلق على اليهود والنصارى، وأن الآية: (إنما المشركون نجس)[سورة التوبة، الآية:28] مخصصة لأهل مكة؟ فرد فضيلته على هذا الزعم قائلا: هذا فهم خاطئ فقد ذكرنا أن الله أطلق عليهم الشرك في قوله: (سبحانه وتعالى عما يشركون) [سورة يونس، الآية:18]. وقد ذكر الله أنهم قالوا: عزير ابن الله والمسيح ابن الله، وقالوا: (إن الله هو المسيح ابن مريم وقال المسيح أي مخاطبا لما وقعوا في الشرك أو خاف عليهم اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار)[سورة المائدة، الآية:72]. وقد نهى الله عن توليهم بقوله: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم) [سورة المائدة، الآية:51] ولا شك أن هذا تحذير من موالاتهم مما يدل على كفرهم وشركهم. وقال تعالى: (لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء)[سورة المائدة، الآية:57]. وهذا تصريح بعدواتهم حيث قرنوا بالكفار وأخبر بأنا إذا نادينا للصلاة اتخذوها هزوا ولعبا. وقال تعالى: (قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت) [سورة المائدة، الآية:60]، وهذا إخبار عن اليهود والنصارى بلعنة الله وغضبه عليهم ومسخهم قردة وخنازير وعبادتهم للطاغوت. وقال تعالى: (وترى كثيرا منهم يسارعون في الإثم والعدوان وأكلهم السحت) وهذا وصف الكفار. وقال تعالى: (لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون) [سورة المائدة، الآيات:78 - 80]. وفي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" (أخرجه البخاري برقم (1330) ومسلم برقم (529). وقال عن نصارى الحبشة: "إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وصورا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله" (أخرجه البخاري برقم (427). ومسلم برقم (528). والأدلة على كفر اليهود والنصارى كثيرة ولهذا قال تعالى: (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) [سورة التوبة، الآية:29]. فهم لا يؤمنون بالله حقا حيث لم يصدقوا رسوله صلى الله عليه وسلم ولا يستعدون لليوم الآخر، وهذا وصف الكفار والله أعلم. وتحريفهم للكلم عن مواضعه كثيرة جدا ، وقد دعاهم الله إلى الدخول في الإسلام بقوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا } . وكل ذلك دليل كفرهم وخروجهم من الدين الصحيح وأنهم كذبوا بالحق لما جاءهم مع أنهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم كما في قوله تعالى: (الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون)[سورة البقرة، الآية: 146]. فلذلك حلت عليهم اللعنة والغضب واستحقوا العذاب في الآخرة، قال تعالى: { لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ } ولا شك أن تكذيبهم لمحمد صلى الله عليه وسلم وما جاء به هو أعظم الكفر، وهم المرادون بقوله تعالى: { قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ } . فتأمل هذه الآيات وما بعدها وما يشبهها في سورة النساء تجد أن جميع من كذّب محمدا صلى الله عليه وسلم أو خرج عن شرعه أو أنكر رسالته أو ادعى أنه رسول العرب أو نصب العداوة للمسلمين أتباع هذه الشريعة المحمدية، أنه كافرٌ مستحقٌ لغضب الله ولعنته وعذابه، ولا ينفعه انتماؤه إلى الأديان السابقة والمنسوخة المحرَّفة. |