السؤال: نرجو بيان القول الفصل والراجح في مصير أطفال المسلمين وأطفال المشركين بالتفصيل مع ذكر الأدلة من الكتاب والسنة؟ الجواب: يُراد بالأطفال كل من مات قبل البلوغ ولم يدرك التكليف. فأما أولاد المسلمين ، فالصحيح: أنهم في الجنة مع آبائهم، وينتظرونهم عند أبواب الجنة، ويقال في الدعاء له عند موته في الصلاة عليه: اللهم اجعله ذخرا لوالديه وفرطا وأجرا وشفيعا مجابا، اللهم ثقل به موازينهما إلخ... وقد ذكر ابن كثير تفسير القرآن العظيم لابن كثير (3/32). عند تفسير قوله تعالى: { وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا } أن القاضي أبا يعلى حكى عن الإمام أحمد أنه قال: لا يختلف فيهم أنهم من أهل الجنة، وقد يستدل على ذلك بقوله تعالى: { وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ } فأما أولاد المشركين الذين ماتوا قبل البلوغ وآباؤهم كفَّار، ففيهم خلاف طويل، وقد تكلم عليهم ابن القيم في طريق الهجرتين في الطبقة الرابعة عشرة من طبقات المكلفين، فذكر فيهم ثمانية أقوال طريق الهجرتين لابن القيم. : الأول: الوقف فيهم وترك الشهادة بأنهم في الجنة أو في النار، ودليله ما في الصحيحين عن أبي هريرة وعن ابن عباس { أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عمن يموت وهو صغير من أولاد المشركين فقال: الله أعلم بما كانوا عاملين } أخرجه البخاري برقم (1384) في الجنائز، باب: "ما قيل في أولاد المشركين". ومسلم برقم (2659) في القدر، باب: "معنى كل مولود يولد الفطرة". من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وأخرجه البخاري برقم (1383) في الجنائز، باب: "ما قيل في أولاد المشركين". ومسلم برقم (2660) في القدر/ باب: "معنى كل مولود يولد..." من حديث ابن عباس رضي الله عنه. > . الثاني: أنهم في النار: لما روى أبو عقيل عن بهية عن عائشة { أنها سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أولاد المشركين قال: في النار } أخرجه الإمام أحمد في مسنده (6/208) بلفظ: "أنها ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أطفال المشركين؟ فقال: إن شئت أسمعتك تضاغيهم في النار". و أبو عقيل ضعيف. الثالث: أنهم في الجنة لما في حديث سمرة الطويل في المنام عند البخاري { لما ذكر أن الولدان مع إبراهيم الخليل قيل له: وأولاد المشركين؟ قال: وأولاد المشركين } أخرجه البخاري برقم (7047) في التعبير، باب: "تعبير الرؤيا بعد صلاة الصبح". . الرابع : أنهم في منزلة بين المنزلتين بين الجنة والنار، كأصحاب الأعراف، ثم أنكر هذا القول ورده. الخامس: أنهم تحت المشيئة، وهذا قول المرجئة. السادس: أنهم خدم أهل الجنة، يعني الولدان الذين ذكرهم الله بقوله: { يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ } . وذكر عن الدارقطني حديثا عن أنس مرفوعا: { سألت ربي للاهين قال الألباني: (اللاهين) الأطفال، كما في حديث لابن عباس عند الطبراني (11906) بسند حسن. من البشر أن لا يعذبهم، فأعطانيهم فهم خدام أهل الجنة } أخرجه ابن عساكر: (18/112/2) وأبو يعلى في مسنده (3/901). وابن عدي (233/2). والهيثمي في مجمع الزوائد: (7/219). قال الألباني: (1881): وجملة القول أن الحديث حسن عندي بمجموع طرقه. والله أعلم. وهو حديث ضعيف. السابع: أن حكمهم حكم آبائهم في الدنيا والآخرة، فكما هم منهم في الدنيا فهم منهم في الآخرة، أي لو أسلم الآباء بعد موت الأطفال كان أولادهم معهم في الحكم. الثامن: أنهم يمتحنون في عرصات القيامة ويرسل إليهم هناك رسول، وإلى كل من لم تبلغه الدعوة، فمن أطاع الرسول دخل الجنة، ومن عصاه دخل النار، وعلى هذا فيكون بعضهم في الجنة وبعضهم في النار، ويكون قوله صلى الله عليه وسلم: الله أعلم بما كانوا عاملين، أي: عند امتحانهم واختبارهم يظهر معلوم الله فيهم، ويتبين من يعلم الله فيه الخير أو الشر، ويجازون حسب ما يعلم الله فيهم من الأهلية واستحقاق الثواب أو العقاب، وقد وردت بذلك أخبار كثيرة، ذكر بعضها ابن كثير تفسير القرآن العظيم لابن كثير: (3/28-32). عند تفسير قوله تعالى: { وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا } و ابن القيم في الطبقة الرابعة عشرة في القول الثامن فيهم في آخر طريق الهجرتين طريق الهجرتين لابن القيم. والله أعلم. |