فقد ورد في الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: { لا تحل الزكاة لغني ولا لقوي مكتسب } وذلك لأنه أتاه رجلان، فنظر فيهما فرآهما جلدين فقال: { إن شئتما أعطيتكما، ولا تحل الزكاة لغني ولا لقوي مكتسب } رواه أبو داود رقم (1633) في الزكاة، والنسائي (5/99) في الزكاة وصححه الألباني في الإرواء رقم (876). . فاشترط في القوي أن يكون مكتسباً؛ لأن هناك من يكون قوي البدن، ولكنه لا يستطيع الاكتساب، ولا يعرف التكسب، ولا يحسن تنمية المال، ولا الاحتراف ولا الاشتغال، فيكون فقيراً. والغني قيل إنه من كان عنده مال مزكى؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قسمهم إلى قسمين: قال: { تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم } فالذي عنده مال فيه زكاة اسمه غني، والذي ليس عنده مال فيه زكاة اسمه فقير، وهذا تحديدهم. وقديما حدودهم بربع النصاب، فقالوا: الغني الذي يملك خمسين درهماً، وهي ربع النصاب. والصحيح أن هذا لا يخضع لتعريف، بل كل زمان يقاس أهله به، ففي زماننا لو أن إنسانا يملك ألفا أو نصف الألف لا يعد غنياً، لأن الألف لو بدت له حاجة لأنفقها، ولو نزل به ضيف لم تكفه ضيافة، ولو احتاج إلى كسوة لم تكفه لكسوة أهله أو لكسوة نفسه، فلا يعد غنيا في هذه الحال. وكذلك أيضا في الزمان الأول الذي أدركناه، فنحن أدركنا -مثلاً- زمانا كانت السلع فيه رخيصة ومتوفرة، حتى إن أحد أعمامي ذكر أنه حج وليس معه إلا سبعة ريالات أنفق منها، حتى الفدية وجدها بنحو ريالين، والبقية في نفقته وأكله في ذهابه وإيابه، وذلك من نحو أكثر من تسعين سنة، فالزمان يختلف. |