صرف الزكاة لآل محمد وهم بنو هاشم

لا تحل الزكاة لآل محمد صلى الله عليه وسلم ولا لمواليهم، وآل النبي - صلى الله عليه وسلم - هم بنو هاشم، وكثير من العلماء قالوا: وبنو المطلب، وذلك لأن عبد مناف هو أبو هاشم وأولاده أربعة: هاشم والمطلب وعبد شمس ونوفل فأما بنو هاشم فهم الذين منهم النبي صلى الله عليه وسلم، وبنو المطلب من ذرية عبد مناف، فلما حصر بنو هاشم في الشعب دخل معهم بنو المطلب، وقالوا: أنتم إخواننا ولا نرضى أن نتخلى عنكم؛ فلذلك أعطاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - من الفيء ومن الغنيمة، وجعل لهم هذا الحظ، وجعلهم من ذوي القربى المذكورين في قوله تعالى: { فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ } ولم يعط بني نوفل ولا بني عبد شمس؛ لأنهم لم يناصروهم، فقال في بني المطلب: { إنهم لم يفارقونا في جاهلية ولا إسلام } جزء من حديث رواه النسائي (7/131) كتاب الفيء، وأصله عند البخاري رقم (3502) كتاب المناقب، وأبي داود رقم (2978)و(2980) كتاب الخراج والإمارة. . وقد اختلف العلماء هل يحرمون من الزكاة لفقيرهم أو يعطون من الزكاة؟ فكثير منهم قالوا: ما دام أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يولهم على الزكاة، ولم يعطهم من الزكاة، واقتصر على إعطائهم من الخمس ومن الفيء، فإن ذلك دليل على أنهم مثل بني هاشم. والراجح أنهم ليسوا مماثلين لهم، وأن الحكم يختص ببني هاشم، وأن بني هاشم هم الذين يسمون بذوي القربى. وقد اختلف أيضا العلماء اختلافا آخر في ذوي القربى؛ فذهب بعضهم إلى أن ذوي القربى هم أقارب الخليفة، ولو لم يكن من بني هاشم، فلما كانت الخلافة في بني أمية كانوا يستبدون بهذا القسم الذي هو سهم ذوي القربى، فيقولون: نحن ذوي قربى، ولما آلت الخلافة إلى بني العباس، فبنو العباس من بني هاشم، استعادوا سهمهم الذي هو سهم ذوي القربى. والحاصل أن بني هاشم لا يعطون من الزكاة ، وقد علل النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنها أوساخ الناس ، فلا تحل لهم، حتى إن الحسن مرة أخذ تمرة من صدقة فوضعها في فمه، فلم يتركها النبي عليه الصلاة والسلام حتى أخرجها وعليها ريقه، وألقاها في الصدقة؛ بقوله: { كخ كخ! إنها لا تحل لنا } رواه البخاري رقم (1491) كتاب الزكاة، ومسلم رقم (1069) كتاب الزكاة مع كونه طفلاً، ولما وجد تمرة في الطريق قال: { لولا أني أخشى أن تكون من الصدقة لأكلتها } رواه البخاري رقم (2055) كتاب البيوع، ومسلم رقم (91071) كتاب الزكاة. فلم يأكلها خشية أن تكون من الصدقة. فكل ذلك دليل على تورعه عليه الصلاة والسلام، ثم علل بقوله: { إن لكم في خمس الخمس ما يغنيكم عن الصدقة } رواه الطبراني في الكبير 11/217 برقم 11543 قال في مجمع الزوائد 3/91 وفيه حسين بن قيس وفيه كلام كثير وقد وثقه أبو حصين. . وقد اختلف الآن هل يعطون أو لا يعطون؟ وذلك لأنهم الآن قد يكونوا محرومين من بيت المال، ومن خمس الخمس، ومن الفيء، ولا يأتيهم شيء، ويعتري كثيرا منهم غرامات وديون، ويحتاجون إلى أن يعطوا ما يخفف عنهم، وقد لا يجدون من يعطيهم إلا من الزكاة؛ فلذلك رُخّص لهم عند الحاجة، ولطول الزمان، فبينهم وبين النبي صلى الله عليهو سلم نحو ثلاثين جداً، فكيف يصيرون من ذوي القربى مع بعد النسب؛ لذلك رأى بعض العلماء إنهم يعطون عند الحاجة. أما الموالي فدليله حديث أبي رافع لما قال له رجل: { اصحبني حتى تصيب من الصدقة، فاستشار النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إنها لا تحل لنا الصدقة، ومولى القوم منهم } رواه الترمذي رقم (657) كتاب الزكاة، وأبو داود رقم (1650) كتاب الزكاة والنسائي (5/107) كتاب الزكاة، وصححه الألباني. صحيح سنن الترمذي رقم (530) . والصحيح أنها خاصة بالأقرباء الذين في ذلك العصر، فأما المتأخرون إذا احتاجوا فإنهم يعطون ما يسد حاجتهم.