السؤال:- أيهما أفضل: الإسرار بالزكاة عند صرفها لمستحقيها أم إظهارها؟ الجواب: قد اختلف العلماء في هذه المسألة، وقد قال الله تعالى: { إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ } فإظهارها قد يكون فيه مصلحة، والمصلحة هي ألا يُظن بهذا الإنسان البخل، فإنه -مثلاً- لو لم يره أحد يتصدق، لقال الناس: هذا بخيل، لا يخرج شيئاً، ويمنع الحقوق، ويمنع الصدقات، وقيل: إن في إظهارها وإشهارها حث للناس على المسابقة إلى الصدقة، فإذا علموا أن فلانا تصدق بكذا؛ فيتصدق الثاني والثالث والرابع مثله؛ فيكثر الذين يتصدقون على المساكين، وإن كان ذلك فيه شيء من المنافسة، ولكنها منافسة صالحة. أما إذا خاف على نفسه الرياء، فإنه لا يجوز أن يظهرها، فقد قال الله تعالى: { وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ } يعني رياء للناس، وفي حديث الثلاثة الذين هم أول من تسعر بهم النار أن أحدهم قال: { ما تركت من شيء تحب أن ينفق فيه إلا أنفقت فيه، فيقول الله: كذبت، وتقول الملائكة: كذبت، ويقول الله ولكنك تصدقت ليقال جواد: فقد قيل، أو ليقال كريم } جزء من حديث طويل رواه مسلم رقم (1905) في الإمارة. فهو لم يتصدق إلا ليمدح بين الناس ويقال: هذا كريم وهذا سخي ومنفق وجواد، فليس له إلا ما نوى. أما إذا أمن على نفسه أنه لا يؤثر فيه مدح الناس ولا ذمهم، ورأى أنه إذا أظهرها اقتدى به غيره، فإن إظهارها جائز للآية الكريمة: { إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ } . وقد كان كثير من السلف بل كثير من أبناء الصحابة يحرصون على إسرار الصدقة، حتى إنهم كانوا يعطون الفقراء وهم لا يشعرون، أي أنهم يعطونهم من الأقوات وما أشبهها ولا يدري الفقير من أين يأتي هذا المال وهذا القوت وهذا الغذاء ونحوه، لحرصهم على إخفاء الصدقات الذي هو أبلغ في الإخلاص وأبعد عن الرياء، وفي حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله { ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا يعلم شماله ما تنفق يمينه } متفق عليه أخرجه البخاري رقم (660) في الجماعة. ومسلم رقم (1031) في الزكاة. . |