وسئل -حفظه الله- عن امرأة ساحرة تعمل السحر، وقد تضرر منها أناس كثير، فما الواجب نحو هذه المرأة الساحرة؟ وعن كيفية التخلص من هذا السحر؟ فأجاب: فإن السحر هو عمل شيطاني، حيث يتقرب الساحر إلى الجن بالذبح لهم، أو دعائهم من دون الله، أو ترك الصلاة، أو أكل النجاسات ونحو ذلك، حتى تخدمه الشياطين ومردة الجن، فيلابسون من يريده، ويقتلون ويعوقون ويعقدون الرجل عن امرأته، ويصرفون أحدهما عن الآخر ونحو ذلك. وعلى هذا فالساحر مشرك كافر؛ لأجل تقربه إلى غير الله بهذه الأعمال الكفرية، فلذلك ورد الأمر بقتله، وثبت ذلك عن عمر بن الخطاب رواه أبو داود برقم (3043) في الخراج والفيء والإمارة، باب "في أخذ الجزية من المجوس". حيث قد نقل النقل لثلاث سواحر في عهد عمر رضي الله عنه عندما كتب لجزء بن معاوية عم الأحنف بن قيس: "اقتلوا كل ساحر،... إلخ". قال في تيسير العزيز الحميد، صفحة: 391: إن إسناد الحديث حسن. وعدم إنكار الصحابة على فعل عمر يعتبر إجماعا منهم. وبنته حفصة رواه الإمام مالك في الموطأ، كتاب العقول، باب "ما جاء في الغيلة والسحر". عن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة: أنه بلغه: "أن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قتلت جارية لها، سحرتها. وقد كانت دبرتها، فأمرت بها فقتلت". قال مالك: الساحر الذي يعمل السحر. ولم يعمل ذلك له غيره. هو مثل الذي قال الله تبارك وتعالى في كتابه: (ولقد علموا لمن اشتراه ماله في الآخرة من من خلاق). فأرى أن يقتل ذلك إذا عمل ذلك هو نفسه. و جندب رضي الله عنهم رواه الترمذي برقم (1460) في الحدود، باب "ما جاء في حد الساحر" عن جندب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حد الساحر ضربه بالسيف". قال الترمذي: والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، وهو قول مالك بن أنس. قال الشافعي: إنما يقتل الساحر إذا كان يعمل في سحره ما يبلغ به الكفر، فإذا عمل عملا دون الكفر فلم نر عليه قتلا. قال الدتور أحمد بن ناصر الحمد في كتابه (السحر بين الحقيقة والخيال)، صفحة: 165: كما روي قتل السحرة عن غير هؤلاء من الصحابة، فروي أن عثمان بن عفان ممن قتل السحرة، وابن عمر، وأبي موسى، وقيس بن سعد، كما روى عن سبعة من التابعين، منهم عمر بن عبد العزيز. وهذا الفعل من الصحابة رضي الله عنهم ثم من التابعين يعد إجماعا منهم على العمل بمدلول الحديث المروي في ذلك. يقول الشيخ الشنقيطي: "فهذه الاثار التي لم يعلم أن أحدا من الصحابة أنكرها، مع اعتضادها بالحديث المرفوع المذكور، هي حجة من قال بقتله مطلقا، والأثار المذكورة، والحديث، فيهما الدلالة على أنه يقتل، ولو لم يبلغ به سحره الكفر؛ لأن الساحر الذي قتله جندب رضي الله عنه كان سحره من نوع الشعوذة، والأخذ بالعيون، حتى إنه يخيل إليهم أنه أبان رأس الرجل، والواقع بخلاف ذلك. وقول عمر: "اقتلوا كل ساحر". يدل على ذلك لصيغة العموم". . وعلى ما ذكرنا فلا يجوز ترك هذه المرأة التي اشتهرت بعمل السحر، فإن كان لديكم بينات وقرائن، فارفعوا أمرها وبما حصل منها من الأضرار، حتى تقتل ويستريح الناس من شرّها، وعلى رب الأسرة السعي في إزالة ضرر هذه المرأة، ولو كانت والدته؛ حيث إن هذا العمل كفر بالله، وضرر على عباد الله، ومتى قتلت انزجر غيرها، وامتنعوا عن مثل هذا العمل الشيطاني. فإن امتنعوا كلهم من تغيير الحال، ورضوا عن هذه العجوز، وتركوها على هذا الأمر، فإنك أنت مسئول عن ما تعرف عنها، فاحرص على إثبات الوقائع التي حَصَلَتْ منها، واثبت ما تقدر عليه من القرائن والبيّنات، وما يعرفه عنها الجيران والأهلون، ومتى حَصَلْت على المعلومات الكافية فارفعها إلى المحكمة الشرعية، ليجرى فيها حكم الله تعالى، وهو العمل بحديث: { حد الساحر ضربة بالسيف } . ولا يحق لك أن تقيم على هذه الحال التي تعاني فيها من هذه الأضرار، وبعد ذلك نوصيك: أولًّا: بالتحصن بكثرة ذكر الله وقراءة القرآن، واستعمال الأوراد في الصباح والمساء، وذلك مما يحفظك الله من الجن والسحرة. ثم نوصيك ثانيًا: بعلاج ما أصابك بالرقية الشرعية، عند القراء المعروفين، باستعمال كلام الله وكلام رسوله -صلى الله عليه وسلم- والأدوية الشرعية، وهم كثيرون في البلاد، وقد نفع الله بهم من أراد الله به خيرًا، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم. |