السؤال: س296 ما حكم تقطيع آذان الأغنام وقرونها؟ الجواب:- كان أهل الجاهلية يقطعون آذان الدواب كعلامة على نوع من الأنعام التي يحرمونها، ويسمونها البحائر والسوائب، وقد ذكر الله أن ذلك من وحي الشيطان إليهم، فحكى عن إبليس أنه قال: { وَلآمُرَنَّهٌمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ } ومتى قطعت آذان الدابة أصبحت متميزة عن غيرها بهذه العلامة الجلية فيجعلونها لآلهتهم، كما قال تعالى عنهم: { هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا } أي معبوداتهم، ومنها ما يختص به الرجال، كما في قوله تعالى: { وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا } ولا شك أن هذا الفعل محرم؛ حيث أنهم يحرمون ما أحل الله ويحلون ما حرم الله، ويجعلون ميزة ورمزا لهذا النوع من المحرمات ، فالتحريم ليس هو مجرد تبتيك الآذان ، وإنما التحريم ينصب على عزل هذا النوع وتسميته بهذا الاسم؛ بحيث يمنع التصرف فيه تصرف المالك لملكه. وقد وقع في هذه الأزمنة المتأخرة أن بعض الناس يقطعون من المعز أو نوع منها أنصاف الآذان ويعتذرون عن الفعل المذكور بأنهم لا يقصدون تحريمها، ولا الإشارة إلى أنها بحيرة أو سائبة ... إلخ ، ولكن ذلك من زينتها وجمالها؛ حيث زعموا أن في آذانها طول مفرط ، وتقصيرها يزيل ذلك الشين والقبح في المرأي، وربما علل بعضهم أن طول الآذان يعوقها في الشرب والرعي؛ حيث تعترض الآذان دون الماء أو الأكل، فبقطعها يزيل التعويق، هكذا عللوا، ويمكن أن يعتبر هذا عذرا لهم، مسوغا تقصير الآذان بقدر الحاجة، لكن بعضهم يقطع أكثر الأذن، مما لا حاجة إلى قطعه، فيدخل في المحرم أو المكروه. أما إن كان القصد الجمال فقط، فأرى أن خلق الله أحسن تقويما، فلا يحتاج إلى تحسين خلقة أو منظر، فالآذان في الأصل خلقها الله زينة، ولحاسة السمع، وجعلها في هذا الحيوانات طويلة حتى ترفعها وقت سماع الصوت البعيد، فتغييرها وتقصيرها فيه اعتراض على خلق الله، وتشويه للمنظر، لكن يستثنى من ذلك إذا كانت طويلة طولا مفرطا، فقد يرخص في قطع بعضها الذي يعوقها في الأكل والشرب . ثم لا بد عند القطع أن لا تتأذي وتتألم؛ وذلك أن يعملوا طريقة تخفف عنها وجع القطع وإيقاف الدم في حينه، ولا بد أن هناك طرقا معروفة لذلك، ثم إن هناك آخرون يقطعون طرف الأذن من البقر أو الغنم لقصد السمة والعلامة، وقد تشق الأذن عرضا أو طولا، وقد ورد في حديث مرفوع النهي عن الأضحية بالعضباء التي ذهب أكثر من النصف من أذنها أو قرنها عن علي رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يضحي بأعضب القرن والأذن: قال قتادة: فذكرت ذلك لسعيد بن المسيب فقال: العضب ما بلغ النصف فما فوق ذلك. رواه أحمد (1/83، 101، 127، 129، 137، 150) وأبو داود (2805) والترمذي (1504) والنسائي (4377) وابن ماجة (3145) والحاكم (4/224) والبيهقي (9/275). وكذا ورد النهي عن المقابلة والمدابرة ونحو ذلك عن علي رضي الله عنه قال: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستشرف العين والأذن وأن لا نضحي بعوراء ولا مقابلة ولا مدابرة ولا شرقاء ولا خرقاء. قال زهير: فقلت لأبي إسحاق: أذكر عضباء؟ قال: لا، قال: قلت ما المقابلة؟ قال: هي التي يقطع طرف أذنها، قلت فالمدابرة؟ قال: التي يقطع مؤخر الأذن قلت: ما الشرقاء؟ قال: التي يشق أذنها، قلت فما الخرقاء؟ قال: التي تخرق أذنها السمة" رواه أحمد (1/108، 149) وأبو داود (2804). ورواه أحمد (1/80، 128) والترمذي (1498) والنسائي (4372-4373-4374-4375) وابن ماجة (3142) والحاكم (4/224) وابن الجارود (906) من طرق أخرى عن أبي إسحاق به بلفظ مقارب انظر الإرواء (4/361-364). وهي أن تشق الأذن من وسطها أو من أحد جانبيها، وكل ذلك لمجرد السمة غالبا ، وهذا يجوز عند الحاجة، كخوف الاشتباه، وعدم المعرفة بالوسم المخصص ، وليس في هذا ألم شديد فيغتفر للحاجة. وأما كسر القرن أو قطعه فيجوز إذا كانت الشاة تؤذي بقرنها، فقد يحدث أن بعض المعز أو الكباش أو الإناث من الغنم حيث تكون طويلة القرن، تنطح غيرها، فيحصل من النطح موت أو عيب أو نحوه، فلا بأس بقطع القرن أو بعضه بقدر الحاجة وبدون ألم للحيوان، والأولى تركه، فأما لقصد الجمال والزينة فأرى أنه لا يجوز؛ لما فيه من تغيير خلق الله، وتأليم الحيوان بغير حق ، والله أعلم. |