تمام ضبط الراوي

تعريف الضبط أما الضبط فهو الحفظ، وذكروا أنه قسمان: ضبط صدر، وضبط كتاب. تعريف ضبط الصدر: فضبط الصدر: أن يحفظ ما رواه: أي: إذا سَمِعَهُ حَفِظَه، أو ردده حتى يحفظه، وعلامة الحفظ : أن يأتي به كما سمعه وأن يستحضره كلما أراد الاستشهاد به فيسرده كما هو. وكان في الصحابة حفاظ، منهم: أبو هريرة رضي الله عنه حافظ الصحابة، ومع ذلك كان يكرر الأحاديث، يبيت أول الليل يدرسها ويكررها ويرددها حتى لا ينساها؛ لأنه يُحدث من الذاكرة ولم يكن يكتب، وهناك من يكتبها كعبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنه- فقد كتب صحيفة وسماها الصحيفة الصادقة اشتهرت هذه الصحيفة (بالصحيفة الصادقة) كما أسماها عبد الله بن عمرو حيث كان يقول: "ما يرغبني في الحياة إلا الصادقة..."وقد ضمت الصحيفة الصادقة نحو ألف حديث، نقل إلينا الإمام أحمد محتواها في مسنده ، كما نقلت كتب السنة الأخرى جانبا منها . (السنة قبل التدوين للدكتور الخطيب ص 348-349) وتوارثها ولده بعده، إلى أن وصلت إلى عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص. وكذلك في التابعين حفاظ، منهم من يحفظ الحديث أو القصة أو القصيدة عندما يسمعها، وقد روي عن الشعبي عامر بن شراحيل التابعي المشهور أنه قال: (ما كتبت سوداء في بيضاء) مع كثرة أحاديثه، وكثرة ما يحفظه من القصص والأخبار، والقصائد والأشعار، ونحو ذلك، ومع ذلك لم يكن يكتب، بل كان يعتمد على الحفظ، وأن بعضهم لم يكن يطلب من المحدث أن يعيد شيئا بل متى سمع الشيء حفظه لأول مرة ولو لم يتكرر، حتى أن بعضهم كان إذا مر باللهو أو بالكلام الباطل والقصص الخرافية ونحوها يسد أذنيه؛ مخافة أن يدخل فيها شيء باطل فيبقى في ذهنه، فهو يحب أن تكون محفوظاته خالية من الأشياء التي لا فائدة فيها، وهذا هو: ضبط الصدر. تعريف ضبط الكتاب: وأما ضبط الكتاب: فكونه إذا سمع الشيء دونه وكتبه، وحفظ كتابه في صندوقه أو في يده؛ مخافة أن يطلع عليه سفيه فيزيد فيه أو ينقص منه، أو ما أشبه ذلك، فإن هذا ونحوه قدح في الضبط، بخلاف ما إذا حفظ كتابه فإنه يؤدي منه متى أراد بدون أن يحصل فيه تغيير أو نقص؛ ولهذا قال الناظم في ذلك الراوي: (معتمد في ضبطه ونقله) يعني معتمد عليه، ضابط لما يسمعه ولما ينقله، وسبب الاعتماد الحفظ والأهلية.