و(المُدرَجاتُ) في الحـديـثِ ما أَتتْ منْ بعضِ أَلفاظِ الرُّواةِ اتصلـت الحديث المدرج فقوله: (والمدرجات في الحديث ما أتت...من بعض ألفاظ الرواة اتصلت). (المدرج): هو ما أُضيف إلى الحديث من غيره، من كلام الرواة مما ليس بمرفوع، أُضيف للحديث، وجُعِل منه والإدراج يقع في المتن ويقع في الإسناد. انظر نزهة النظر ص100، ففيها تفصيل مفيد. وأُوهِم أَنه من الحديث، وليس منه، فيسمى مدرجا ، كأَنه أَدرجه في ضمن الحديث أحد الرواة، وقد يُعرَفُ المدرج بمجيئه من طريق أُخرى مصرَّحا به، أو مجيء الحديث ناقصا من طريق أُخرى ليست فيها تلك الزيادة، فيعرف أنه مدرج، أو كونه لا يليق بالنبي صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك حديث رواه أبو هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: { للعبد المملوكِ الصَّالحِ أجران أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب العتق، باب العبد إذا أحسن عبادة ربه ونصح سيده رقم الحديث 2410، ومسلم في صحيحه في كتاب الإيمان، باب ثواب العبد وأجره إذا نصح لسيده وأحسن عبادة ربه رقم الحديث 1665. والذي نفسي بيده لولا الجهاد في سبيل الله، والحج، وبرٌّ أُمي لأحببت أن أموت وأنا مملوك } فآخر الحديث يٌفهم منه أَنه ليس من قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه قال: وبر أُمي. فدلَّ على أَن هذا من كلام أبي هريرة قال: " لولا الجهاد في سبيل الله والحج وبر أمي لأحببت أنني مملوك " فآخر الحديث يسمى مدرجا مضافا إلى الحديث وليس منه. وكذلك إذا كان أيضا فيه نقص، مثل حديث ابن مسعود { الطِّيَرَةُ شِرْك، الطِّيرَةُ شرك } - وما منا إلا .... ولكن الله يذهبه بالتوكُّل أخرجه أبو داود في سننه في كتاب الطب، بابٌ في الطيرة رقم الحديث 3910، والترمذي في سننه، في أبواب السير، باب ما جاء في الطيرة رقم الحديث 1614 وقال: وهذا حديث حسن صحيح. وأخرجه ابن ماجه في سننه في كتاب الطب باب من كان يعجبه الفأل ويكره الطيرة، رقم الحديث 3538. قال سليمان بن حرب حول جملة: "وما منا...إلخ": (هذا عندي قول عبد الله بن مسعود وما منا...) سنن الترمذي 5/337. وأخرجه أحمد في المسند 1/389،440، والحاكم في المستدرك في كتاب الإيمان 1/65، وقال: هذا حديث صحيحٌ سنده، ثقاتٌ رواته، ولم يخرجاه. - فآخره مدرج وهو قوله: وما منَّا إِلاَّ ... إلخ فليس هو من الحديث؛ لأنه معلوم أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لا يقع في شيء من الطيرة مع كونها شركا، فدل على أنه مدرج من كلام الراوي. وقد يكون الإدراج في آخر الحديث وهو الأغلب، كما في هذين المثالين، يعني: يتكلم الراوي بكلمة فيفهمها أو يسمعها تلميذه فيعتقد أنها من ضمن الحديث فيرويها، وقد تكون في أول الحديث، مثاله حديث أبي هريرة { أسبغوا الوضوء ويل للأعقاب من النار } أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الوضوء باب غسل الأعقاب رقم الحديث 163 ولفظه: "أسبغوا الوضوء" فإنّ أبا القاسم صلى الله عليه وسلم قال: "ويلٌ للأعقاب من النار". ومسلم في صحيحه في كتاب الطهارة باب وجوب غسل الرجلين بكمالهما رقم الحديث 242. فقوله: " أسبغوا الوضوء " هذا من كلام أبي هريرة: "ويلٌ للأعقاب من النار" هذا هو المرفوع؛ حيث ذكروا أن أبا هريرة رأى أناسا يخففون الوضوء فقال: أسبغوا الوضوء، ويل للأعقاب من النار، سمعته من النبي -صلى الله عليه وسلم- فاعتقد أحدهم أن قول: سمعتُه عامٌ لقوله: أسبغوا الوضوء وما بعده فرواه كذلك، والصحيح أن المرفوع إنما هو آخره، وهو قوله: " ويل للأعقاب من النار ". ومثله حديث ابن عمر في سترة المصلي، وهو قوله: لا تُصل إلا إلى سُترة { ولا تدع أحدا يمر بين يديك، فإن أبى فلتقاتله فإن معه القرين } أخرجه بهذا اللفظ ابن خزيمة في صحيحه باب النهي عن الصلاة إلى غير سترة رقم الحديث 800، وابن حبان في صحيحه (الإحسان) في كتاب الصلاة باب ذكر الزجر عن صلاة المرء في الفضاء بلا سترة 6/126 وفيه: "فإن أبى فلتقاتله فإنما هو شيطان". وأخرجه مسلم في صحيحه في كتاب الصلاة باب منع المار بين يدي المصلي رقم الحديث 506، وابن ماجه في سننه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها باب ادرأ ما استطعت رقم الحديث 955، وأحمد في المسند 2/86 كلهم من طريق الضحاك عن صدقة عن ابن عمر بلفظ: "إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحداً يمر بين يديه، فإن أبى فليُقاتله، فإن معه القرين" والحديث أخرجه الحاكم في المستدرك في كتاب الصلاة 1/381 من طريق الضحاك عن صدقة عن ابن عمر. وقال: هذا حديث على شرط مسلم ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. ولفظ الحاكم "لا تصلوا إلا إلى سترة، ولا تدع أحداً يمر بين يديك فإن أبى فقاتله فإن معه القرين". قوله: لا تصل إلا إلى سترة، هذا على الصحيح مُدْرَجٌ، وإِنَّما المرفوع قوله: { لا تدع أحدا يمر بين يديك، فإن أبى فلتقاتله، فإِنَّ معه القرين } هذا هو أصل الحديث الذي اقتصر عليه المخرجون الأُول كمسلم في ( صحيحه ) ، وأحمد في ( مسنده ) ، وابن ماجه في ( سننه ) ، لم يرووا إلا قوله: "...فلا يدع أحدا يمر بين يديه، فإن أبى فليقاتله فإن معه القرين" فقوله: لا تصل إلا إلى سترة، هذا مدرج ولو صححه الحاكم وغيره. والحاصل أن المدرج هو الذي يُجعلُ من ضمن الحديث وليس منه، بل من كلام الراوي، وأنه يتميز بجمع الطرق، ومعرفة أَنه قد صَّرح فيه بأنه ليس من أصل الحديث وكذلك يدرك الإدراج باستحالة كونه صلى الله عليه وسلم يقول ذلك، وكذلك وروده منفصلاً في رواية أخرى. . |