الحديث المؤتلف والمختلف

(مُؤتَلفٌ) مُتّفقُ الخطِّ فقَـطْ وضِدُّهُ (مختلِفُ) فَاخْش الغلَطْ الحديث المؤتلف والمختلف: أما (المؤتلف والمختلف) قال ابن الملقن: "وهو ما يأتلف أي: يتفق في الخط صورته، ويختلف في اللفظ صيغته، وهو فن جليل، من لم يعرفه من المحدِّثين يكثر عِثاره، ولم يُعدَم مُخجَّلاً، وهو منتشر لا ضابط لأكثره يُفزع إليه، وإنما يضبط بالحفظ تفصيلاً. وفيه مصنفات مفيدة ومن أكملها الإكمال لابن ماكولا على إعواز فيه، قلت: أتمه ابن نقطة، ثم ذيل عليه منصور بن سليم الإسكندري ثم علم الدين ابن الصابوني، ثم ذُيِّل عليهم ولقد لخصت فيه مجلدة مهمة" اهـ المقنع 2/592-593. والإكمالطبع بتحقيق ذهبي العصر المحدِّث المدقق عبد الرحمن المعلمي رحمه الله وإكمال الإكمال لابن نقطة قد حققه د.عبد القيوم عبد رب النبي وكتاب الإسكندري ما زال مخطوطاً، أما كتاب ابن الصابوني فقد طبع، وهناك مؤلفات غيرها مثل المؤتلف والمختلف للدارقطني وقد طبع بتحقيق د. موفق عبد القادر، والمشتبه للذهبي، وألّف ابن ناصر الدين الإعلام بما وقع في مشتبه الذهبي من الأوهام، وكذلك لابن حجر كتاب تبصير المنتبه بتحرير المشتبه وكلها مطبوعة. فهذا مما يحتاج إلى العناية به، وهو ما اتفقت حروفه وافترقت حركاته، فكثيرا ما تتفق الأسماء يعني في الحروف، وتختلف في الحركات، أو تتفق في الحروف وتختلف في النقط والإعجام، وكثيرا ما يحصل فيه التصحيف والتحريف، وكثيرا ما يشتبه محمد بن بشار بمحمد بن سنان ومحمد بن يسار مع كون الباء هنا بعدها معجمة، والياء هناك بعدها مهملة، لكن لكتابتهم باليد يحصل أيضا الاشتباه، وكثيرا ما يشتبه الاسم بما يقاربه؛ حيث يشتبه شيبان بسنان مع أن بينهما فرقا، ولكن غالبهم لا ينقطون الحروف؛ فلأجل ذلك يحصل الاشتباه كسليمان بسلمان مع أن بينهما فرقا، ويقع هذا في الأسماء التي يتقارب لفظها وتحتاج إلى ضبط وإلى عناية، وقد ضبطها النووي في مقدمة شرح مسلم فذكر الأسماء التي تتقارب، وذكر ما يوجد بينهما من الفروق، فأنت إذا قرأت مثلا هذه الكلمة تعرف أنها كلها تُنطق بكذا إلا هذا الاسم الفلاني، مثلا غالب الأسماء تتميز إذا كانت أعلاما وقد يحصل الاشتباه في بعض الأعلام وفي الأنساب، فقد يكون الفرق بينهما في النقط كالهمداني، والهمذاني، والدهني والذهبي، فإذا مر بك عمار الذهبي فأصلحه الدهني بالمهملة والنون؛ لأنه خطأ فليس هناك عمار الذهبي في الرواة الأولين، وإنما كتبوه الذهبي لاشتهار نسبة الذهبي، وإلا فالصواب أنه عمار الدهني. والأولون يكتبون الحروف بدون نقط، فيجيء بعض النسَّاخ، والنساخ قد يكونون من العامة حتى سماهم كثير من الحذاق مُسَّاخا فيكتبونه، فإذا رأوا الدهني نقطوا الدال وجعلوا الدال ذالا وجعلوا النون باء، وقد يحصل أيضا التصحيف حتى بزيادة أو بإسقاط بعض من الحروف، فمثلا رأيت من صحف (الضبي بالضبعي) وبالعكس، فأسقط العين مع السرعة، وكأنها ما اتضحت العين فكتبها الضبي مع أنه الضبعي، فأما الاختلاف في النقط فحدث ولا حرج، مثل جمرة كثيرا ما يكتبونه حمزة، فأبو جمرة الضبعي تلميذ ابن عباس مشهور يكتبونه أبو حمزة؛ لأن كلمة " جمرة " غريبة غير مشهورة، ولما كتبت نقطت الراء فأصبح حمزة. فهذا النوع يسمى المؤتلف والمختلف يعني بالمؤتلف المتقارب في الرسم، والمختلف في النطق إما بالشكل وإما بالنقط، فالشكل مثل سَلاَم وَسلاّم بتشديد اللام وتخفيفها هذا اختلافه بالشكل، وأما النقط فمثل سنان وشيبان، ومثل سيار ويسار وبشار وما أشبه ذلك، فهذا كله مما يقع فيه التصحيف، فهو يسمى بالمؤتلف، يعني: بالمؤتلف في الخط المختلف في النطق.