وإن كان الميت صغيرا ذكرا أو أنثى أو بلغ مجنونا واستمر، قال بعد "ومن توفيته منا فتوفه عليهما": اللهم اجعله ذخرا لوالديه وفرطا أي سابقا مهيئا لمصالح والديه في الآخرة، سواء مات في حياة والديه أو بعدهما، وأجرا وشفيعا مجابا، اللهم ثقل به موازينهما، وعظّم به أجورهما، وألحقه بصالح سلف المؤمنين، واجعله في كفالة إبراهيم وقِه برحمتك عذاب الجحيم، ولا يستغفر له؛ لأنه شافع غير مشفوع فيه ولا جرى عليه قلم، وإذا لم يعرف إسلام والديه دعا لمواليه. تقدم في الدعاء للكبير أنه يدعو له بالمذكر، لكن إذا كان أنثى فإنه يؤنث الضمير، فيقول: اللهم اغفر لها وارحمها، وعافها واعف عنها إلى آخره، وإن كانا اثنين فإنه يقول: اللهم اغفر لهما وارحمهما، وعافهما واعف عنهما، وإن كانوا جماعة قال: اللهم اغفر لهم وارحمهم، وعافهم واعف عنهم. وكان كثير من العلماء يستحبون أن يبين للمصلين أن يوضح أنه رجل حتى يدعوا له بدعاء الضمير المذكر، أو أنه امرأة حتى يؤنث الضمير، لكن في بعض المساجد لا يبينون يقولون: الصلاة على الجنازة ولا يدرى جنازة رجل أم جنازة امرأة، فيصلي عليها أناس ويدعون بدعاء رجل يصح؛ يصح أن يقول: اللهم اغفر له وارحمه؛ يعني لهذا الميت يصح حتى ولو كان أنثى، ويصح أن يؤنث ولو كان رجلا يقول: اللهم اغفر لها وارحمها، ولو كان رجلا، يكون المراد اغفر لهذه النفس، هذا إذا كان ذكرا أو أنثى. أما إذا كان صغيرا فكذلك أيضا يؤنث الضمير في الأنثى ويذكر في الذكر، فيقال في الذكر: اللهم اجعله ذخرا لوالديه وفرطا وأجرا وشفيعا مجابا، اللهم ثقل به موازينهم، أو أعظم به أجورهم، أو ألحقه بصالح سلف المؤمنين واجعله في كفالة إبراهيم وقه برحمتك عذاب الجحيم. وإن كان أنثى صغيرة أنث الضمير بقوله: اللهم اجعلها لوالديها ذخرا وفرطا إلى آخره. ومعنى الذخر: الشيء الذي يدخر، أنت مثلا إذا ادخرت مالا قلت: هذا أدخره ذخرا لي عند الحاجة، أنهما يدخران هذا المولود عند الله تعالى، والفرط: اسم للذي يقدمه القوم ليصلح المورد؛ عادة البدو إذا وردوا على ماء ومعهم غنمهم أرسلوا فرطا قدامهم، يقولون: اذهب أنت فرطا لنا، هذا الفرط ماذا يفعل؟ يصلح الدلاء ويركب البكرة مثلا، ويملأ الحياض ويهيئ المورد، فإذا جاءوا وإذا هو قد هيأ لهم ما يريدون، ما بقي عليهم إلا أن يجتذبوا بالدلاء ويسقوا بقية غنمهم وإبلهم. ثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: { أنا فرطكم على الحوض } يعني أتقدم بين أيديكم، وسمي الطفل الذي يموت صغيرا يسمى فرطا؛ لأنه يتقدم أبويه ليصلح لهما المدخل؛ يعني كأنه يدخل أو يتقدم إلى أبواب الجنة وينتظر أبويه؛ فكأنه فرط يهيئ لهما الباب ويفتحه لهما، هكذا قال بعضهم في تسميته فرطا. يجعله ذخرا لوالديه وفرطا وأجرا وشفيعا مجابا؛ يعني أنه يشفع لأبويه فيجيب الله شفاعته، وثقل به موازينهما. في حديث طويل في رؤيا رآها النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: { ورأيت رجلا من أمتي خف ميزانه فجاءه أفراطه فثقلوا ميزانه } فلذلك يقال: اللهم ثقل به موازينهما، وأعظم به أجورهما، وألحقه بصالح سلف المؤمنين، واجعله في كفالة إبراهيم في حديث الرؤيا حديث سمرة أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: { ثم أتينا على رجل طويل تحت ظل شجرة وحوله أولاد كثير } وفسره أنه إبراهيم وأن الذين حوله أولاد المسلمين، يعني أطفالهم الذين ماتوا صغارا، فهكذا يدعى لهذا الطفل. نعم. |