فمن فعل محظورا من أجناس بأن حلق وقلم أظفاره ولبس المخيط فدى لكل مرة. أي: لكل جنس فديته الواجبة فيه سواء رفض إحرامه أو لا؛ إذ التحلل من الحج لا يحصل إلا بأحد ثلاثة أشياء كمال أفعاله أو التحلل عند الحصر أو بالعذر إذا شرطه في ابتدائه، وما عدا هذه لا يتحلل به ولو نوى التحلل لم يحل. يقول: من فعل محظورات متعددة قلنا: عليك فديات بعددها حتى ولو رفض إحرامه. فلو مثلا أحرم بعمرة ثم إنه وجد زحاما، فقال: لا حاجة في هذه العمرة سأبطلها، وذهب ولبس ثيابه ولبس عمامته وتطيب وقص شاربه وقلم أظفاره ووطئ أهله في هذه الحال نقول: أنت باق على إحرامك، ولا يبطل الإحرام بإبطالك له، وأفعالك هذه التي فعلتها عليك فيها فديات عن كل واحد منها، فأنت باق على إحرامك عليك أن تعيد إحرامك وتذهب لتكميله، ولا يجوز لك أن تلغي الإحرام، فالإحرام لا يبطل ولا ينتهي إلا بهذه الثلاثة: إما بانتهاء أعماله؛ طاف وسعى وحلق في العمرة أو في الحج، رمى وحلق وطاف وسعى كمل أعماله وتحلل. أو بالإحصار بأن حال بينه وبين الحرم عدو أو ضل الطريق أو نحو ذلك ففي هذه الحال يقول تعالى: { فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ } الثالث: العذر. بشرط أن يشترط إذا اشترط بقوله: فمحلي حيث حبستني فمرض مثلا أو تعب فله أن يتحلل بدون فدية، فأما كونه يبطل إحرامه؛ لأجل الزحام أو لأجل المشقة فإنه لا يبطل الإحرام، بل هو باق على إحرامه ولو بقي سنة أو سنوات، نقول له: أنت باق على إحرامك لا يحل لك ما تفعله من هذه المحظورات. يجب عليك أن تخلع ثيابك وتلبس إحرامك وتذهب لتكمل نسكك. هذا هو الصواب؛ لأن الله تعالى أمر بالإتمام: { وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ } فلا يتمان إلا بأعمالهما؛ فعلى هذا كثير في هذه السنة جاءوا في رمضان في آخر رمضان فوجدوا زحاما، فعند ذلك ذهبوا إلى جدة أو إلى الطائف وتحللوا منهم من جامع أهله ولبس ثيابه وغطى رأسه وقص شعره وقلم أظفاره وتطيب ثم بعد ذلك سألوا أو سأل بعضهم وقال: إنا ألغينا إحرامنا بسبب الزحام، فقيل لهم: لا يبطل الإحرام بالإبطال عليكم أن تعودوا لإكماله، وعليكم فدية عن كل محظور، ففدية اللباس هي مثلا فدية من صيام أو صدقة أو نسك، صيام ثلاثة أيام إطعام ستة مساكين وذبح شاة، فدية تغطية الرأس كذلك، فدية قص الشعر كذلك، فدية تقليم الأظفار كذلك، فدية الطيب كذلك. وهكذا لو صادوا صيدا قبل أن يتحلل، لو قال: أنا خلعت إحرامي وأبطلته لماذا لا أصيد؟ نقول: إنك ما أبطلته، فأنت على إحرامك، فعليك أن تفدي عن هذا الصيد؛ جزاء الصيد؛ فلا يبطل الإحرام بمثل هذا العذر، ولو طالت المدة فليس عليه إلا فدية عن كل واحد. لو بقي مثلا سنة أو عشر سنين وهو ما كمل عمرته. نقول: عليك فدية اللباس، ولو طالت مدته، وفدية تغطية الرأس، وفدية الطيب ولو تكرر، وفدية الحلق، وفدية التقليم، فهذه لكل واحد ثلاثة آصع، لكل ستة مساكين أو صيام ثلاثة أيام أو ذبح شاة لكل واحد. أما فدية الجزاء فعن كل صيد فديته ولو كثر. أما فدية المباشرة والتقبيل ففيها شاة عن كل مباشرة، وكذلك فدية الوطء. عليه شاة إذا كان في العمرة وبدنة إذا كان في الحج قبل التحلل الأول كما تقدم. |