حكم أخذ الجزية من غير أهل الكتاب والمجوس

وأخذ الجزية من غير المجوس. وهل تؤخذ الجزية من غير المجوس وأهل الكتابين؟ يعني: هل يجوز عقد الذمة لغير المجوس وأهل الكتابين كالمشركين من الهندوس أو القبوريين أو الوثنيين أو البوذيين أو الشيوعيين؛ الذين لا دين لهم؟ هل يجوز أن يعقد لهم ذمة؟ أكثر الفقهاء على أنهم لا يعقد لهم ذمة بل إما الإسلام وإما السيف، وذهب بعض العلماء ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم إلى أنه يعقد لهم؛ واستدلوا بعموم حديث بريدة وفيه قوله: { وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال: ادعهم إلى الإسلام، فإن أبوا فادعهم إلى الجزية، فإن أبوا فاستعن بالله وقاتلهم. } فذكر الجزية من جملة ما يدعون به، فدل على أن كل عدو وكل مشرك يدعى إلى الجزية هذا دليل من ذهب إلى أنها تؤخذ من غير أهل الكتابين. وأما الجمهور فتمسكوا بالآية؛ قالوا: لأن الله تعالى قال: { قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ } وأما غيرهم فقال: { قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً } ولم يقل: حتى يعطوا الجزية. فالراجح من حيث الدليل هو قول الجمهور: أنها لا تؤخذ إلا من أهل الكتابين والمجوس ومن تبعهم، هذا الراجح من حيث الدليل؛ لكن إذا رأى الإمام المصلحة في أخذ الجزية من غيرهم فله ذلك؛ نظرا للمصلحة الحاضرة. نعم.