الحكم إذا كان الصلح لأهل الذمة وهم في بلادهم

وإن صولحوا في بلادهم على جزية أو خراج لم يمنعوا شيئا من ذلك. تارة يكونون في بلاد فيها الإسلام وفيها أعداد من المسلمين، ففي هذه الحال لا يمكنون من إظهار الأكل والشرب في نهار رمضان، ولا يمكنون من إظهار النواقيس ولا كتبهم بين المسلمين، ولا يمكنون من بيع الخمر وبيع الخنزير في البلاد التي فيها مسلمون. وأما إذا كانت البلاد خاصة لهم ليس فيها أحد من المسلمين وإنما صالحناهم وهم في بلادهم وأقررناهم عليها ولم يكن بينهم أحد من المسلمين بل كل البلاد وسكانها منهم ففي هذه الحال يفعلون ما يشاءون، فلهم أن يأكلوا نهارا في رمضان، ولهم أن يشربوا الخمر جهارا، ولهم أن يبيعوا ويتبادلوا لحم الخنزير؛ لأن ذلك جائز في شريعتهم وليس عندهم من ينخدع بهم من المسلمين. إنما أقررناهم واستولينا على بلادهم وتركنا دورهم ومساكنهم لهم على أن يبذلوا الجزية، وعلى أن يلتزموا بالصغار، وعلى أن يدينوا بحكم الإسلام، وأما أعمالهم وكنائسهم ومعابدهم فإنها تبقى كما كانت؛ لأن ذلك من عباداتهم وديانتهم. نعم.