ويصح القبول أيضا قبله أي قبل الإيجاب بلفظ أمر أو ماض مجرد عن استفهام ونحوه؛ لأن المعنى حاصل به. اختُلف في الإيجاب والقبول هل يشترط فيهما الترتيب أم لا يشترط؟ الترتيب هو: أن يكون الإيجاب قبل القبول يعني أن يقول البائع: بعتك, ثم بعده يقول المشتري: قبلت يكون الإيجاب متعقبا للقبول.. يكون القبول بعد الإيجاب هذا معنى الترتيب. والراجح: أنه لا يشترط الترتيب, بل يصح أن يتقدم القبول على الإيجاب, فيصح أن يقول مثلا المشتري: اشتريت منك هذا الكتاب بعشرة, فيقول: بعتك. الآن الإيجاب تأخر عن القبول, أو يقول مثلا المشتري: بعني الشاة بمائة, فيقول: قد بعتك, أو قد بعتكها بمائة, الإيجاب تأخر عن القبول. فإذا كان بلفظ الفعل: اشتريت منك الشاة بمائة، اشتريت منك الثوب بعشرة, ثم قال: بعتك.. صح. وكذلك إذا قال: بِعْني، بعني الثوب بعشرة, بعني الشاة بمائة, بعني الدار بألف أو بمائة ألف, فقال: بعتك.. صح ذلك, ولو كان القبول الذي من المشتري متقدم على الإيجاب الذي من البائع. يشترط أن يكون بغير لفظ الاستفهام, فإنه يكون كسؤال, إذا كان فيه استفهام, إذا قال: أتبيعني، أتبيعني الشاة بمائة؟ هل تبيعني الكتاب بعشرة؟ هل تبيعني الثوب بخمسة عشر؟ هذا الاستفهام لا يكون فيه قبول, فلا بد أن يقول بعدما يقول: نعم بعتك, أن يقول: قد قبلت، هكذا اشترطوا. الناس في هذه الأزمنة، بل وفي غيرها يتساهلون في ذلك, فأية صيغة وأية عبارة يفهم بها العقد، يفهم بها الإيجاب والقبول ولو بالإشارة يتبايعون بها, ويتسامحون, ولا يتقيدون بأن يكون هناك ترتيب بين الإيجاب والقبول, ولا بأية صيغة, وربما مثلا يقول: بكم هذا الكتاب؟ فيقول: بعشرة, فيقول اشتريته دون مماكسة أو نحو ذلك, قد يكون هناك مماكسة, إذا قال مثلا: الكتاب بخمسة عشر, فقد يماكس ويقول: بل بعشرة, فإذا قال: لا أوافق بعشرة, فيقول: بأحد عشر, ثم يقول باثني عشر, وهكذا إلى أن يستقر على ثمن. |