بسم الله الرحمن الرحيم. قال الشارح رحمه الله تعالى: القسم الثاني من أقسام الخيار: خيار الشرط ؛ بأن يشترطاه أي: يشترط المتعاقدان الخيار في صلب العقد، أو بعده في مدة خيار المجلس أو الشرط. بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه. القسم الثاني من أقسام الخيار، خيار الشرط لقوله -صلى الله عليه وسلم- { المسلمون على شروطهم إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا } ولحديث { الشرط أوثق } الشرط معناه إذا تعاقدا أن يشترطاه في العقد مدة معلومة ولو طويلة. سواء اشترطاه في نفس العقد، أو في مجلس التعاقد قبل التفرق، فيثبت؛ وذلك لأن أحدهما قد يكون مترددا، لا يدري هل يقدم على البيع أو الشراء؟ وهل يناسبه البيع أو يناسبه الشراء أم لا؟ فيحتاج إلى مدة. هذه المدة إما للتجربة وإما للنظر، فقد يكون البائع مترددا، لا يجزم مخافة أن تظهر حاجته إذا كان يريد بيع بيته، أو بيع سيارته، تردد، فيقول: لا أجزم بالبيع لمدة أسبوع أو خمسة أيام، لي الخيار. إن رأيت أني غالب، ورأيت أني مستغنٍ عن هذا البيت، أو عن هذه السيارة جزمت بالبيع وأمضيته، وإن رأيت أني لا أستغني عنه؛ رددته، واسترجعته، وأعطيت المشتري ثمنه، وليس عليه ضرر. المشتري كذلك قد يقول: أحتاج إلى مدة أستشير فيها. هذه المدة أفحص فيها السيارة، وأنظر هل هي صالحة أم لا؟ وأنظر أيضا في أساس البيت - مثلا - وفي منازله، وفي قوته وإحكام بنائه -مثلا- وانظر -مثلا- في لبن الشاة أو البقرة أو نحوها، وفي سرعة سير السيارة أو الدابة أو نحوها، وما أشبه ذلك. يختبر هذه السلعة في هذه المدة، فيقول: أريد مدة خمسة أيام أو عشرة أو نحو ذلك. أتروى وأستشير وأنظر هل يناسبني الشراء أم لا؟ فإن ناسبني، أقدمت، وإلا رجعت ورددت عليك سلعتك، وأخذت دراهمي، وليس على أحد منا ضرر. فيتوافقان على هذا الشرط. قد يكون الشرط لكل واحد. المشتري يقول: لي الخيار خمسة أيام. أستشير هل تناسب هذه السلعة أم لا؟ والبائع يقول: لي الخيار خمسة أيام أنظر هل أستغني عنه أم لا؟ وهل أنا غالب أم مغلوب؟ فإذا شرطاه في مجلس العقد، صح. لو -مثلا- أنهما تبايعا السيارة، وسلم الثمن، ثم بعد ساعة، وهما في المجلس طلب أحدهما خيار شرط، وقد مضى على البيع ساعة، ولكنهما لا يزالان في المجلس، صح الشرط؛ وذلك لأنه في هذا المجلس يملك الفسخ. فإذا ملك الفسخ، ملك الشرط. كل واحد منهما يقول: ملكت الفسخ. رد علي سيارتي، وخذ ثمني خيار مجلس، أو يقول مثلا: خذ سيارتك وأعطني ثمني نحن لا نزال في المجلس، أو يقول: إني أريد أن أستشير هل يناسبني هذا الشراء، أو لا يناسب؟ وهذا يقول: هل يناسبني البيع أم لا يناسب؟ وهل أنا مغبون أو غابن؟ لذلك لا بد من المشاورة ونحو ذلك. فإذا شرطا الخيار، صح. ولا بد من تحديد مدته. أن يقول: لي الخيار يوما أو أسبوعا أو شهرا أو شهرين، فيصح مدة معلومة، ولو طويلة، ولا يصح مدة مجهولة. لا يصح أن يقول: لي الخيار متى شئت. لا بد أن يحددا مدة؛ لأن في ذلك ضررا على أحد الطرفين إذا قال: متى شئت؛ فقد يستعمل السيارة - مثلا - مدة سنة، ثم يردها، ويقول: لي الخيار متى شئت. في حديث ابن عمر المشهور قال: { إن رجلا كان يخدع في البيوع، فقال النبي _ صلى الله عليه وسلم - إذا بايعت، فقل: لا خلابة } أي لا خديعة، وكان أهله ينهونه عن أن يبيع، ولكنه مصر على ذلك، فكان يغبن كثيرا، فكان يشترط، فيقول: لا خلابة، ثم إذا اشترى سلعة ورأى أنه مغبون فيها، ردها ولو بعد ثلاث، وألزم البائع والمشتري بقبولها. نعم. قوله: في مدة خيار المجلس أو الشرط. ففي مدة خيار المجلس، يعني مثلا: أنهما تبايعا، وبعد ساعة قال أحدهما: أريد الخيار، أريد أن أشترط لي الخيار ساعة أو ساعتين أو خمس ساعات أو يوم أو خمسة أيام أو أسبوع أو شهر قبل أن يتفرقا، جاز ذلك في مدته؛ لأنهما لا يزالان في مدة خيار مجلس، والذي يملك الفسخ يملك شرط الخيار وكذلك في مدة خيار الشرط، لو مثلا: أنهما اشترطا الخيار يوما، وبعدما مضى نصف اليوم، قال أحدهما: أريد أن أمدد المدة، أريد أن أجعله أسبوعا. فإن الطرف الثاني رفض. علي ذلك أنه .. الفسخ. جاز له زيادة شرط. نعم. |