فيقول -رحمه الله- إذا عرفت أن من الكفار -خصوصا النصارى- من يعبد الله ليلا ونهارا، ويزهد في الدنيا، ويتصدق بما دخل عليه منها من الأموال، ويعتزل عن الناس، وينفرد في صومعة يتعبد فيها، ويداوم العبادة، وأنه مع ذلك كافر، وأنه عدو لله، مخلد في النار. لماذا؟ لأنه يعتقد في عيسى أن عيسى ينفع ويشفع؛ ولأنه مع اعتقاده يدعوه مع الله، أو يعتقد في الأولياء غير عيسى يعتقد في هذا الولي فلان أو نحوه كما يعتقد القبوريون في الرفاعي و الجيلاني و النقشبندي يدعونه، أو يذبحون لهم، أو ينذرون للأولياء. إذا عرفت ذلك.. تبين لك كيف صفة الإسلام؟ الذي دعا إليه نبيك -صلى الله عليه وسلم- أن الإسلام الحقيقي: هو تحقيق الدعوة إلى الله -تعالى- وتحقيق التأله له، ودعوته وحده، وأن الإسلام -مثل ما عرفه المؤلف في "ثلاثة الأصول"- أنه الاستسلام لله بالتوحيد -يعني- وحده، لله وحده. والانقياد له وحده بالطاعة، والبراءة من الشرك، والبراءة من المشركين، ومن أنواع الشرك صغيره وكبيره؛ فبذلك يكون الإنسان حقا من المسلمين. من أخل بذلك ففعل شيئا من أنواع الشرك: نقص إسلامه، واختل توحيده. ومن فعله كله: بطل توحيده، ووصف بأنه مشرك، كافر -والعياذ بالله-. بسم الله الرحمن الرحيم قال المؤلف -رحمه الله- فالله.. الله.. يا إخواني: تمسكوا بأصل دينكم، وأوله وآخره، وأسه ورأسه: شهادة أن لا إله إلا الله، واعرفوا معناها، وأحبوها، وأحبوا أهلها، واجعلوهم إخوانكم؛ ولو كانوا بعيدين، واكفروا بالطواغيت، وعادوهم، وأبغضوهم، وأبغضوا من أحبهم أو جادل عنهم، أَو لم يكفرهم، أو قال: ما عليّ منهم، أو قال: ما كلفني الله بهم، فقد كذب هذا على الله وافترى، فقد كلفه الله بهم، وافترض عليه الكفر بهم والبراءة منهم؛ ولو كانوا إخوانهم وأولادهم. فالله.. الله.. يا إخواني: تمسكوا بذلك؛ لعلكم تلقون ربكم وأنتم لا تشركون به شيئا. اللهم توفنا مسلمين، وألحقنا بالصالحين!. السلام عليكم ورحمة الله،، بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. ذكر المؤلف بعض أحوال المشركين الأولين؛ أنهم منهم من يعبد الله -ليلا ونهارا- ويزهدون في الدنيا، ويتصدقون بما جاءهم منها، ويعتزل أحدهم في صومعته يتعبد؛ وهو مع ذلك كافر. لماذا؟ لأنه يعتقد في عيسى أو في غيره من الأولياء، يعتقد أنه ينفع أو يشفع، ويدعوه من دون الله تعالى، أو يذبح له، أو ينذر له. فإذا عرفت حال أولئك المشركين الأولين.. تبين لك صفة الإسلام الذي دعا إليه نبيك -صلى الله عليه وسلم- وأنه -صلى الله عليه وسلم- دعا إلى عبادة الله وحده، وإفراده بجميع أنواع العبادة: بالدعاء، والذبح، والنذر، وغير ذلك من أنواع العبادة. هذه حقيقة دعوته، بقي بمكة عشر سنين، لم يفرض عليه عبادة؛ إلا التوحيد، يكرر الدعوة إلى التوحيد، ويقول لهم: قولوا: لا إله إلا الله. وينهاهم عن عبادة ما سوى الله. ولا شك أن ذلك دليل على أهمية التوحيد؛ الذي هو إخلاص العبادة لله وحده، وترك عبادة ما سواه. فبدأ بدعوته إلى هذه العقيدة؛ التي هي معنى: لا إله إلا الله؛ اقتداءً بالأنبياء قبله؛ فإنهم كلهم بدءوا بالدعوة إلى التوحيد، كل منهم يقول لقومه: { اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ } يبدءون بكلمة { اعْبُدُوا اللَّهَ } يعني: خصوه بالعبادة { مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ } ليس لكم معبود سواه. |