............................................................................... عد المؤلف -رحمه الله- في نواقض الإسلام، من النواقض: من لم يكفر المشركين، أو صحح مذهبم؛ فإنه يعتبر كافرا؛ ذلك لأنه إذا لم يكفرهم فقد ادعى أن دينهم صحيح؛ مع أنهم مشركون، وإذا كان دينهم صحيح، والإسلام دين صحيح فمعناه: أن الأديان متعددة، أن هناك أديان متعددة؛ فيكون الدين ليس واحدا، والله -تعالى- يقول: { إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً } فإذا كان الدين ليس دينا واحدا فمعناه: أننا لسنا صادقين في أن الدين هو الإسلام. فلا بد أننا نتمسك بدين الإسلام وحده، ونتبرأ من كل دين يخالف دين الإسلام، هذا هو الصواب. من لم يكفرّهم، أو قال: ما علي منهم، أو لست بمسئول عنهم، أو أنا علي أن أصلح نفسي. ليس هذا بصحيح. نقول له: إن من إصلاح نفسك: أن تتبرأ من المشركين؛ لأنك إذا جالستهم، وآنستهم ظهر منك أنك تقرهم، وإذا قلت: أنا لست بمسئول عنهم، أو ليس علي إثم منهم؛ فإن هذا غير صحيح؛ بل كل مسلم عليه مسئولية في أن يبلّغ الحق ويبينه، وإذا رأى من يرده، أو يجادل عنه؛ فإن عليه أن يبين لأولئك الذين يجادلون عنه خطأهم، ومتى أصروا فلا بد أنه يضللهم، ويكفرهم، ويحذر منهم، ويبتعد عنهم، ويقول: كما قال إبراهيم { إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي } ؛ حتى ولو كانوا معه؛ لو كانوا آباءه أو قومه؛ فإن إبراهيم قال لأبيه وقومه: { إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ } وقال: { وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ } أعتزلكم، فالذي يكون مخالفا لهم لا يَسْلم إلا إذا اعتزلهم. والاعتزال: يكون بالمفارقة، وبالبراءة منهم. فأما كونه فيما بينهم؛ فإن ذلك ليس باعتزال. قد كثرت الأدلة التي تحذر من موالاتهم، ومن محبتهم؛ وذلك لأن من والاهم صدق عليه أنه منهم، قال الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ } . روي أن أبا موسى قال لعمر -رضي الله عنه- إني عندي كاتب نصراني. فقال عمر -رضي الله عنه- قاتلك الله.. ألم تسمع الله -تعالى- يقول: { وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ } فقال أبو موسى لي كتابته، وله دينه. فقال عمر -رضي الله عنه- ألا اتخذت حنيفيا؟! لا ترفعوهم وقد وضعهم الله، ولا تعزوهم وقد أذلهم الله، ولا تقربوهم وقد أبعدهم الله. بمعنى: أنك إذا واليتهم.. فإنك تكون مشجعا لهم، ومقرا لهم، ومحبا لهم. فهذا فيمن استخدم كاتبا فقط يكتب له عند الحاجة -يعني- لامه عمر -رضي الله عنه- أكبر اللوم؛ وسبب ذلك أنه قد يمدح بذلك، ويقال: إنه أمين، إنه موثوق، إنه حسن العمل، إنه ناصح؛ فيكونون قد مدحوه وهو كافر، ويكون في ذلك إقرار له على كفره، ويكون -أيضا- سببا في دعوة غيره من المسلمين إلى أن يعظموه ويحترموه؛ فكل ذلك داخل في موالاتهم، وعدم تكفيرهم، الذي يقول: ما علي منهم، أو ما كلفني الله بهم. كذلك واجب على المسلم أن يحذر من هؤلاء؛ لأن الله -تعالى- كلفه، كلف كل مسلم ببغض أولئك المشركين، والطواغيت، والكفار، ونحوهم، كلف كل مسلم بمقتهم، والبراءة منهم؛ ولو كانوا يقدرون على الصناعة وعلى الحرفة؛ ولو كانوا يخدمون بنصيحة وبإخلاص في عملهم. الواقع -في هذه الأزمنة- أن كثيرا من رؤساء الشركات والمؤسسات ونحوهم؛ يثقون بالكفار أكثر من ثقتهم بالمسلمين، وربما يفضلون استخدامهم على استخدام العمال المسلمين، وإذا نُصحوا، يقولون: إن الكفار نصارى، أو بوذيين، أو هندوسا أقوى على العمل، وأصبر على الاشتغال. هل هذا صحيح؟ ليس بصحيح؛ وذلك أنهم لا يراقبون الله ولا يخافونه. كذلك أيضا معلوم أنهم يعادون أهل السنة، ويعادون أهل الإسلام، ويحقدون عليهم، ويبغضونهم، وإذا كانوا كذلك.. فكيف يكونون مأمونين؟! هم أقرب إلى الخيانة منهم إلى الأمانة، وكذلك هم أقرب إلى التكاسل في العمل، وعدم الإخلاص فيه؛ لأنهم يسوؤهم ما ينفع المسلمين، الشيء الذي ينفع المسلمين، ويكون فيه عزهم وتقدمهم وغناهم يستاءون لذلك ولا يرضونه؛ فلأجل ذلك يغشون في أعمالهم، ويفسدون ما يتولونه. والحكايات عنهم كثيرة.. كم من إنسان وثق بهم؛ فخانوهم إما باختلاس، وأخذ أمواله التي ائتمنوا عليها، وأصبح مفلسا. وإما بغش؛ بأن أدخلوا عليه ما يفسد عليه تجارته، ويوقعه في الخسارة، ويُحمِّله ديونا يعجز عنها، وإذا كان كذلك.. فإن هذا دليل على أنهم ليسوا أمناء. فنقول: إن الواجب علينا أن نشجع المسلمين الذين يَتَسمَّون بالإسلام الصحيح، وأهل الدين؛ وذلك لأنهم أقرب إلى أن يثق بهم وبأمانتهم؛ وذلك لأن المؤمن يعلم أن ربه يراقبه؛ َفَيخاف الله -تعالى- إذا غاب عنه رئيسه علم بأنه مراقب، وأن هناك من يطلع عليه؛ فعند ذلك يؤدي ما ائتمن عليه. هذا هو الواجب. فالحاصل.. أن من يجادل عنهم، أو لم يكفرهم، أو قال: ما علي منهم، أو ما كلفني الله بهم، أو شجعهم، ورفع من شأنهم، وقربهم، ومدحهم؛ يخاف عليه أنه يكون منهم؛ فإن من أحب قوما حشر معهم. فنقول: إن هذا قد كذب على الله وافترى؛ فقد كلفه الله بهم، كلفه الله بدعوتهم، وببيان الحق لهم، وافترض عليه الكفر بهم، وافترض عليه تكفير كل كافر، كل من كفر بالله فإن علينا أن نكفره، وإذا كفرناه فإن علينا أن نتبرأ منه، ونبتعد عنه. والبراءة: أن نقول كما قال إبراهيم -عليه السلام- { إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي } وقوله : { أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ } . كذلك تجب البراءة منهم ولو كانوا أقارب؛ يعني: أمر الله -تعالى- بمعاداة الكافرين؛ ولو كانوا من الأقربين، كما في قول الله -تعالى- { لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ } يعني: لا تجد المؤمن حقا، لا تجده يواد من حاد الله ورسوله؛ ولو كان أباه { وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ } يعني: ولو كانوا من أقاربهم الأقربين؛ بل لا تجده إلا متبرئا منهم، ومبتعدا عنهم، ومكفرا لهم، أولئك الذين يتبرءون منهم، ويبتعدون عنهم هم الذين مدحهم الله { أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ } يعني: أرسخ الإيمان، وأثبته بقلوبهم، وكذلك قول الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ } . إذا كان هذا في حق الآباء والإخوان فكيف بغيرهم؟! غيرهم -بلا شك- أولى بأن يكفر بهم، ويبتعد عنهم، أولى بأن يكفروا ويضللوا. هذا هو الواجب. كذلك أيضا فعل الصحابة -رضي الله عنهم- فإنهم فارقوا أقاربهم؛ أحوج ما كانوا إليهم؛ فارق أبو بكر أباه، وكذلك أبو عبيدة فارق أباه، وقد روي -أيضا- أن أباه حاول قتله في غزوة بدر إلى أن تخلص منه. فهذا دليل على أن مثل دعاة الشر واجب على المسلمين أن يعادوهم، ويقاطعوهم؛ ولو كانوا إخوانهم، أو أقاربهم، أو أولادهم. |